إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ١ - الصفحة ١٣١
أو مكروه، فلا يكره قضاء الحاجة فيه حينئذ بل يندب في الحرام. وقال بعضهم: بل قد يجب إن أفضى إلى منع المعصية.
اه‍. (قوله: غير مملوك لاحد) أي من الناس غيره بأن كان مملوك له أو مباحا، فإن كان مملوكا لغيره حرم حيث علم أنه لم يرض بذلك أو لم يأذن له. (قوله: وطريق) أي ويندب أن لا يقضي حاجته في طريق - أي مسلوك - للناس، وذلك لقوله (ص): اتقوا اللعانين. قالوا: أوما اللعانان يا رسول الله؟ قال: الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم. أي اتقوا سبب لعنهما كثيرا وهو التخلي في طريق الناس أو في ظلهم، ولما تسببا في لعن الناس لهما كثيرا نسب إليهما بصيغة المبالغة، وإلا فهما ملعونان كثيرا من الناس لا لعانان. ولخبر أبي داود بإسناد جيد: اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل. والملاعن: مواضع اللعن، والموارد: طرق الماء. والتخلي: التغوط، وكذا البراز، وهو بكسر الباء على المختار، وقيس بالغائط البول. وخرج بالمسلوك المهجور فلا كراهة فيه.
(فائدة) لو زلق أحد في الطريق بسبب الحاجة التي قضاها فيه فتلف لم يضمن الفاعل وإن غطاه بتراب أو نحوه ، لأنه لم يحدث في التالف فعلا، وما فعله جائز له. والفرق بينه وبين ما قالوه من الضمان بإلقاء القمامات وقشور البطيخ في الطريق أن وجود الغائط في الطريق إنما هو عن ضرورة قامت بفاعله بخلاف القمامات. أفاده البجيرمي.
(قوله: وقيل: يحرم التغوط فيها) أي في الطريق، لما فيه من إيذاء المسلمين. قال الكردي: وصوب هذا القول الأذرعي وأطال في الانتصار له. وقال في الايعاب: وهو متجه من حيث الدليل لكن المنقول الكراهة. اه‍. (قوله: وتحت مثمر) أي ويندب أن لا يقضي حاجته تحت شجرة مثمرة، صيانة للثمرة عن التلويث عند الوقوع فتعافها النفس. ولم يحرموه لان التنجس غير متيقن. والمراد بالتحتية ما تصل إليه الثمرة الساقطة غالبا، والمراد بالمثمرة ما شأنها أن تثمر، ولا يشترط أن تكون مثمرة بالفعل وإن كان ظاهر العبارة يفيد ذلك. (قوله: بملكه) الباء بمعنى في، والجار والمجرور صفة لمثمر، أي مثمر كائن في ملكه، أي أرض مملوكة له، سواء كان المثمر مملوكا له أم لا، ومثل المملوكة له المباحة. وعبارة البجيرمي: وهذا في شجرة في ملكه، أو بأرض مباحة أو مملوكة وأذن مالكها أو علم رضاه، وإلا حرم. فلو كانت له والثمرة لغيره اتجه عدم الحرمة. اه‍ شوبري. ويكره من جهة الثمرة. اه‍. (قوله: أو مملوك) معطوف على ملكه. أي أو في محل مملوك للغير.
وقوله: علم رضا مالكه أي أو أذن له في ذلك. وقوله: وإلا حرم أي وإن لم يعلم رضاه بقضاء الحاجة في ملكه حرم.
(قوله: ولا يستقبل عين القبلة ولا يستدبرها) أي ويندب عدم استقباله عين القبلة وعدم استدبارها. فإن استقبلها أو استدبرها كره ذلك، أي إن كان في غير معد وكان هناك ساتر، فإن لم يكن ساتر حرم، كما نص عليه الشارح. فإن كان في معد فلا حرمة ولا كراهة وإن لم يكن هناك ساتر. والحاصل لهما ثلاثة أحوال: الكراهة، والحرمة، وعدمهما. (قوله:
ويحرمان) أي الاستقبال والاستدبار. قال البجيرمي: لا يخفى أن المراد بالاستدبار كشف دبره إلى جهتها حال خروج الخارج منه، بأن يجعل ظهره إليها كاشفا لدبره حال خروج الخارج. وأنه إذا استقبل أو استدبر واستتر من جهتها لا يجب الاستتار أيضا عن الجهة المقابلة لجهتها، وإن كان الفرج مكشوفا إلى تلك الجهة حال الخروج، لان كشف الفرج إلى تلك الجهة ليس من استقبال القبلة ولا من استدبارها. اه‍. (قوله: في غير المعد) أي لقضاء الحاجة. قال سم: ولا يبعد أن يصير معدا بقضاء الحاجة فيه. أي وإن لم يكن في بنيان. اه‍. (قوله: وحيث لا ساتر) أي يبلغ ارتفاعه ثلثي ذراع فأكثر، وقد دنا منه قاضي الحاجة ثلاثة أذرع فأقل، بذراع الآدمي المعتدل. ونفي الساتر كما ذكر صادق بأن لا يوجد أصلا، أو وجد وكان ارتفاعه أقل من ثلثي ذراع، أو بعد عنه أكثر من ثلاثة أذرع. فإن وجد الساتر كما ذكر فلا حرمة، بل يكره كما علمت.
واختلف م ر وحجر في اشتراط عرض الساتر بحيث يستر بدن قاضي الحاجة، فقال به الأول وقال بعدمه الثاني، فيكفي عنده نحو العنزة. ثم إن ظاهر كلامهم تعين كون الساتر يبلغ ارتفاعه ثلثي ذراع فأكثر، ولعله للغالب. فلو كفاه دون الثلثين كأن كان صغيرا اكتفى به أو احتاج إلى زيادة على الثلثين وجبت. ولو بال أو تغوط قائما فلا بد أن يكون ساترا من قدمه إلى سرته لان هذا حريم العورة. (قوله: فلو استقبلها إلخ) لا يظهر هذا التفريع إلا أن يكون لمحذوف ملاحظ عند قوله ولا يستقبل
(١٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»
الفهرست