تكلمت بكذا فأنت حر فترك أن يتكلم به فلا يعتق في واحد من الوجهين ألا ترى أن بريرة تستعين في الكتابة وتعرض عليها عائشة الشراء أو العتق وتذهب بريرة إلى أهلها بما عرضت عائشة وترجع إلى عائشة بما عرض أهلها وتشتريها عائشة فتعتقها بعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فكل هذا دليل على ما وصفت من رضا بريرة بترك الكتابة أو العجز فمتى قال المكاتب قد عجزت أو أبطلت الكتابة فذلك إليه علم له مال أو قوة على الكتابة أو لم يعلم وإن قال سيده لا أرضى بعجزه قبل ذلك له وإليه: دونك فهو لك مملوك فخذ مالك حيث كان واستخدمه وأجره فخذ فضل قوته وحرفته وماله خير من أداء نجومه وكذلك لو كان عبدان أو عبيد في كتابة واحدة فعجز أحدهم نفسه أو رضى بترك الكتابة خرج منها ورفعت عمن معه في الكتابة حصته كما ترفع لو مات أو أعتقه سيده وسواء عجز المكاتب نفسه عند حلول النجم أو قبله متى عجز نفسه فهو عاجز وإن عجز نفسه وأبطل الكتابة ثم قال أعود على الكتابة لم يكن ذلك له إلا بتجديد كتابة وتعجيزه نفسه عند سيده وفي غيبة سيده سواء وإن عجز نفسه وأبطل الكتابة ثم أدى إلى سيده فعتق بالشرط الأول ثم قامت عليه بينة بأنه عجز نفسه أو رضى بفسخ الكتابة كان مملوكا وما أخذ سيده منه حلال له وإن أحب أن أحلف له سيده ما جدد كتابة كان ذلك له ولو كانت المسألة بحالها فدفع إلى سيده آخر نجومه وقال له أنت حر بالمعنى الأول ولا علم له بتعجيز نفسه ولا رضاه بفسخ الكتابة كان له فيما بينه وبين الله أن يسترقه وعليه في الحكم أن يعتق عليه ويرجع عليه بقيمته كلها لا نحسب له مما أخذ منه شيئا لأنه أخذه منه وهو مملوك له وأعتقه بسبب كتابته فرجع عليه بقيمته.
عجز المكاتب بلا رضاه (قال الشافعي) وإذا رضى السيد والمكاتب بالمكاتبة فليس للسيد فسخها حتى يعجز المكاتب عن نجم من نجومه فإذا عجز ولم يقل قد فسخت الكتابة فالكتابة بحالها حتى يختار السيد فسخها لأن حق السيد دون حق المكاتب أن لا يثبت على الكتابة وهو غير مؤد ما عليه فيها إلا أن يترك السيد حقه بفسخها فيكون له حينئذ لأنهما مجتمعان على الرضا بالكتابة فمتى حل نجم من نجوم الكتابة ولم يؤده ولم يبطل السيد الكتابة فهو على الكتابة فإن أدى بعد حلول النجم من مدة قصيرة أو طويلة لم يكن للسيد تعجيزه ولا يكون له تعجيزه إلا ونجم أو بعض حال عليه فلا يؤديه وإذا كان المكاتب حاضرا بالبلد لم يكن للسيد تعجيزه إلا بحضرته فإذا حضر فسأله ما حل عليه قل أو كثر فقال ليس عندي فأشهد أنه قد عجزه أو قد أبطل كتابته أو فسخها فقد بطلت ولو جاء المكاتب بما عليه مكانه لم يكن ما كتبا وكان لسيده أخذه منه كما يأخذه منه مملوكا وسواء كان هذا عنه سلطان أو غيره فإذا جاء به السلطان فسأله نظرة مدة يؤدي إليه نجمه أو سأل ذلك سيده لم يكن على السيد ولا على السلطان إنظاره إلا أن يحضر شيئا يبيعه مكانه فينظره قدر بيعه فإن قال لي شئ غائب أحضره لم يكن للسلطان أن ينظره إلى قدوم الغائب لأنه قد ينظره فيفوت العبد بنفسه ولا يؤدي إليه ماله وليس هذا كالحر يسأل النظرة في الدين لأن الدين في ذمته لا سبيل على رقبه وهذا عبد إنما يمنع نفسه بأداء ما عليه فإذا كان غائبا فحل نجمه فأشهد عليه سيده أنه قد عجزه أو فسخ كتابته فهو عاجز فإن جاء من غيبته وأقام بينة على سيده أنه قبض منه النجم الذي عجزه به أو أبرأه منه أو أنظره به كان على الكتابة وهكذا لوجاء سيد المكاتب