عليه إن كاتبه على دنانير لم يجبره على أخذ دراهم وإن كاتبه على عرض لم يجبره على أخذ دراهم وإن كاتبه على عوض لم يجبره على أخذ قيمته ولكنه لو كاتبه على دنانير جياد فأدى إليه من رأسه مثاقيل جياد أجبره على أخذها لأن اسم الجودة يقع عليها وعلى ما دونها وهي تصلح لما لا تصلح له الجياد غيرها من دنانير أو دراهم مما يقع عليه اسم الجودة ولو كاتبه على دنانير جدد جياد من ضرب سنة كذا فأدى إليه خيرا منها من ضرب غير تلك السنة فإن كانت الدنانير التي شرط تنفق ببلده ولا ينفق بها الذي أعطاه لم يجبر عليها وإن كانت خيرا وهكذا هذا في التمر والعروض ولو كاتبه بتمر عجوة فأدى إليه صيحانيا وهو خير من العجوة لم يجبر على أخذه ويجبر على عجوة أجود من شرطه بجميع صفته ويزيد الفضل على ما بيع عليه صفته إلا أن يكون يصلح شرطه لغير ما يصلح له ما أعطاه أو ينفق ببلده ولا ينفق به ما أعطاه.
تفسير قوله عز وجل (وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي رضى الله تعالى عنه قال أخبرنا الثقة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أنه كاتب عبدا له بخمسة وثلاثين ألفا ووضع عنه خمسة آلاف أحسبه قال من آخر نجومه (قال الشافعي) وهذا والله تعالى أعلم عندي مثل قول الله عز وجل (وللمطلقات متاع بالمعروف) فيجبر سيد المكاتب على أن يضع عنه مما عقد عليه الكتابة شيئا وإذا وضع عنه شيئا ما كان لم يجبر على أكثر منه فإن مات قبل أن يضع عنه جبر ورثته على ذلك فإن كانوا صغارا وضع عنه الحاكم أقل ما يقع عليه اسم الشئ من كتابته وما زاد سيد المكاتب أو ورثته إذا كانت أمورهم جائزة فهم متطوعون به فإن قيل فلم جبرت سيد المكاتب على أن يضع عنه ولم تجبره على أن يكاتبه؟ قيل لبيان اختلافهما فإنه إذا كاتبه ممنوع من ماله وما أعطاه له دون ما كان مكاتبا وهو إذا كان رقيقا لا يمنع من ماله ولم يخرج من رقه وما ملك العبد فإنما يملكه لسيده وما ملك العبد بعد الكتابة ملكه العبد دونه (قال) وإذا أدى المكاتب الكتابة كلها فعلى السيد أن يرد عليه منها شيئا فإن مات فعلى ورثته وإن كان وارثه موليا أو محجورا عليه في ماله أو كان على الميت دين أو وصية جعل للمكاتب أدنى الأشياء يحاصصهم به وإذا أدى المكاتب كتابته ثم مات سيده وأوصى إلى أحد دفعه إلى المكاتب فإن لم يكن له ولى فعلى الحاكم أن يوليه من رضيه له ويجبره على أن يعطيه أقل الأشياء وإن مات المكاتب وسيده وقد أدى فعلى الورثة من هذا ما كان على سيد المكاتب حتى يؤدوه من مال سيد المكاتب فإن كان على سيد المكاتب دين لم يكن لهم أن يحاصوا أهل الدين إلا بأقل ما يقع عليه اسم شئ وإن كانوا متطوعين بما هو أكثر منه من أموالهم لم يحاص به المكاتب ولم يخرجوه من مال أبيهم لأنه لم يكن يلزمه إلا أقل الأشياء فإذا أخرجوا الأقل لم يضمنوا لأنه لا شئ له غيره وإن مات سيد المكاتب فأعطى وارثه المكاتب أكثر من أقل ما يقع عليه اسم الشئ كان لمن بقي من الورثة رده وكذلك يكون لأهل الدين والوصية لأنه متطوع له بأكثر من أقل ما يقع عليه اسم الشئ من مال ليس له دون غيره وهكذا سيده لو فلس فأما لو أعطاه سيده شيئا ولم يفلس أو وضعه عنه فهو جائز له والشئ كل ماله ثمن وإن قل ثمنه فكان أقل من درهم وإن كاتبه على دنانير فأعطاه حبة ذهب أو أقل مما له ثمن جاز وإن كاتبه على دراهم فكذلك ولو أراد أن يعطيه ورقا من ذهب أو ورقا من شئ كاتبه عليه لم يجبر العبد على قبوله إلا أن يشاء ويعطيه مما أخذ منه لأن