ذلك المال قال مجاهد (إن علمتم فيهم خيرا) المال كائنة أخلاقهم وأديانهم ما كانت (قال الشافعي) والخير كلمة يعرف ما أريد منها بالمخاطبة بها قال الله عز وجل (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) فعقلنا أنهم خير البرية بالايمان وعمل الصالحات لا بالمال وقال الله عز وجل (والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير) فعقلنا أن الخير المنفعة بالاجر لا أن لهم في البدن مالا وقال عز وجل (إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا) فعقلنا أنه إن ترك مالا لأن المال المتروك وبقوله (الوصية للوالدين والأقربين) قال فلما قال الله عز وجل (إن علمتم فيهم خيرا) كان أظهر معانيها بدلالة ما استدللنا به من الكتاب قوة على اكتساب المال وأمانة لأنه قد يكون قويا فيكسب فلا يؤدى إذا لم يكن ذا أمانة وأمينا فلا يكون قويا على الكسب فلا يؤدى قال ولا يجوز عند والله تعالى أعلم في قوله (إن علمتم فيهم خيرا) إلا هذا وليس الظاهر أن القول إن علمت في عبدك مالا بمعنيين أحدهما أن المال لا يكون فيه إنما يكون عنده لا فيه ولكن يكون فيه الاكتساب الذي يفيد المال والثاني أن المال الذي في يده لسيده فكيف يكون أن يكاتبه بماله إنما يكاتبه بما يفيد العبد بعد بالكتابة لأنه حينئذ يمنع ما أفاد العبد لأداء الكتابة قال ولعل من ذهب إلى أن الخير المال أنه أفاد بكسبه مالا للسيد فيستدل على أنه كم يقدر مالا يعتق به كما أفاد أولا والعبد والأمة البالغان في هذا سواء، كانا ذوي صنعة أو غير ذوي صنعة، إذا كان فيها قوة على الاكتساب والأمانة.
ما يجب على الرجل يكاتب عبده قويا أمينا (أخبرنا الربيع) قال أخبرنا الشافع رضي الله عنه قال أخبرنا عبد الله بن الحارث عن ابن جريج قال قلت لعطاء أواجب علين إذا علمت أن فيه خيرا أن أكاتبه؟ قال ما أراه إلا واجبا وقالها عمرو بن دينار وقلت لعطاء أتأثرها عن أحد؟ قال لا (قال الشافعي) أما إذا كان المملوك قويا على الاكتساب غير أمين أو أمينا غير قوى فلا شك عند والله تعالى أعلم في أن لا تجب مكاتبته على سيده وإذا جمع القوة على الاكتساب والأمانة فأحب إلى لسيده أن يكاتبه ولم أكن امتنع إن شاء الله من كتابة مملوك لي جمع القوة والأمانة ولا لاحد أن يمتنع منه (قال الشافعي) ولا يبين لي أن يجبر الحاكم أحدا على كتابة مملوكة لأن الآية محتملة أن تكون إرشادا وإباحة لكتابة يتحول بها حكم العبد عما كان عليه لا حتما كما أبيح الصيد المحظور في الاحرام بعد الاحرام والبيع بعد الصلاة لا أنه حتم عليهم أن يصيدوا ويبيعوا وقد ذهب هذا المذهب عدد ممن لقيت من أهل العلم فإن قيل فهل فيه دلالة غير ما وصفت؟
قيل أرأيت إذا قيل فكاتبوهم هل يجوز أن يقال أوجب كما وجبت المتعة إلا وهو محدود بأقل ما يقع عليه اسم الكتابة أو لغاية معلومة فإن قيل لا فلا يختلف أحد علمته في أن عبدا لرجل ثمنه ألف لو قال له كاتبني على ثلاثمائة درهم في ثلاث سنين لم يجب عليه أن يكاتبه على هذا فإذا قيل فعلى كم؟ فإن قال السيد أكاتبك على ألف فأبى العبد أيخرج السيد من أن يكون خالف أن يكاتبه؟ فإن قيل نعم قيل فهل يجير على أن يكاتبه على قيمته (1) قيل فالكتابة إنما تكون دينا والقيمة لا تكون بالدين ولو كانت