كتاب الأم - الإمام الشافعي - ج ٨ - الصفحة ٣٣
ذلك المال قال مجاهد (إن علمتم فيهم خيرا) المال كائنة أخلاقهم وأديانهم ما كانت (قال الشافعي) والخير كلمة يعرف ما أريد منها بالمخاطبة بها قال الله عز وجل (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) فعقلنا أنهم خير البرية بالايمان وعمل الصالحات لا بالمال وقال الله عز وجل (والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير) فعقلنا أن الخير المنفعة بالاجر لا أن لهم في البدن مالا وقال عز وجل (إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا) فعقلنا أنه إن ترك مالا لأن المال المتروك وبقوله (الوصية للوالدين والأقربين) قال فلما قال الله عز وجل (إن علمتم فيهم خيرا) كان أظهر معانيها بدلالة ما استدللنا به من الكتاب قوة على اكتساب المال وأمانة لأنه قد يكون قويا فيكسب فلا يؤدى إذا لم يكن ذا أمانة وأمينا فلا يكون قويا على الكسب فلا يؤدى قال ولا يجوز عند والله تعالى أعلم في قوله (إن علمتم فيهم خيرا) إلا هذا وليس الظاهر أن القول إن علمت في عبدك مالا بمعنيين أحدهما أن المال لا يكون فيه إنما يكون عنده لا فيه ولكن يكون فيه الاكتساب الذي يفيد المال والثاني أن المال الذي في يده لسيده فكيف يكون أن يكاتبه بماله إنما يكاتبه بما يفيد العبد بعد بالكتابة لأنه حينئذ يمنع ما أفاد العبد لأداء الكتابة قال ولعل من ذهب إلى أن الخير المال أنه أفاد بكسبه مالا للسيد فيستدل على أنه كم يقدر مالا يعتق به كما أفاد أولا والعبد والأمة البالغان في هذا سواء، كانا ذوي صنعة أو غير ذوي صنعة، إذا كان فيها قوة على الاكتساب والأمانة.
ما يجب على الرجل يكاتب عبده قويا أمينا (أخبرنا الربيع) قال أخبرنا الشافع رضي الله عنه قال أخبرنا عبد الله بن الحارث عن ابن جريج قال قلت لعطاء أواجب علين إذا علمت أن فيه خيرا أن أكاتبه؟ قال ما أراه إلا واجبا وقالها عمرو بن دينار وقلت لعطاء أتأثرها عن أحد؟ قال لا (قال الشافعي) أما إذا كان المملوك قويا على الاكتساب غير أمين أو أمينا غير قوى فلا شك عند والله تعالى أعلم في أن لا تجب مكاتبته على سيده وإذا جمع القوة على الاكتساب والأمانة فأحب إلى لسيده أن يكاتبه ولم أكن امتنع إن شاء الله من كتابة مملوك لي جمع القوة والأمانة ولا لاحد أن يمتنع منه (قال الشافعي) ولا يبين لي أن يجبر الحاكم أحدا على كتابة مملوكة لأن الآية محتملة أن تكون إرشادا وإباحة لكتابة يتحول بها حكم العبد عما كان عليه لا حتما كما أبيح الصيد المحظور في الاحرام بعد الاحرام والبيع بعد الصلاة لا أنه حتم عليهم أن يصيدوا ويبيعوا وقد ذهب هذا المذهب عدد ممن لقيت من أهل العلم فإن قيل فهل فيه دلالة غير ما وصفت؟
قيل أرأيت إذا قيل فكاتبوهم هل يجوز أن يقال أوجب كما وجبت المتعة إلا وهو محدود بأقل ما يقع عليه اسم الكتابة أو لغاية معلومة فإن قيل لا فلا يختلف أحد علمته في أن عبدا لرجل ثمنه ألف لو قال له كاتبني على ثلاثمائة درهم في ثلاث سنين لم يجب عليه أن يكاتبه على هذا فإذا قيل فعلى كم؟ فإن قال السيد أكاتبك على ألف فأبى العبد أيخرج السيد من أن يكون خالف أن يكاتبه؟ فإن قيل نعم قيل فهل يجير على أن يكاتبه على قيمته (1) قيل فالكتابة إنما تكون دينا والقيمة لا تكون بالدين ولو كانت

(1) قوله: قيل فالكتابة الخ، كذا بالنسخ، ولعل فيه سقطا، والأصل (فإن قيل نعم فالكتابة الخ) وحرر، كتبه مصححه.
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب القرعة 3
2 باب القرعة في المماليك وغيرهم 5
3 باب عتق المماليك مع الدين 8
4 باب العتق ثم يظهر للميت مال 9
5 باب كيف قيم الرقيق 10
6 باب تبدئة بعض الرقيق على بعض في العتق في الحياة 11
7 عتق الشرك في المرض 14
8 اختلاف المعتق وشريكه 14
9 باب من يعتق على الرجل والمرأة إذا علما 15
10 أحكام التدبير 16
11 المشيئة في العتق والتدبير 18
12 إخراج المدبر من التدبير 19
13 جناية المدبر وما يخرج بعضه من التدبير وما لا يخرجه 21
14 كتابة المدبر وتدبير المكاتب 23
15 جامع التدبير 23
16 العبد يكون بين اثنين فيدبره أحدهما 24
17 في مال السيد المدبر 24
18 تدبير النصراني 24
19 تدبير أهل دار الحرب في تدبير المرتد 25
20 تدبير الصبي الذي لم يبلغ 25
21 تدبير المكاتب 26
22 مال المدبر 26
23 ولد المدبر 27
24 ولد المدبرة ووطؤها 27
25 في تدبير ما في البطن 28
26 في تدبير الرقيق بعضهم قبل بعض 29
27 الخلاف في التدبير 29
28 المكاتب 32
29 ما يجب على الرجل يكاتب عبده قويا أمينا 33
30 هل في الكتابة شئ تكرهه؟ 34
31 تفسير قوله تعالى " وآتوهم ما مال الله الذي آتاكم " 35
32 من تجوز كتابته من المالكين 36
33 كتابة الصبي 36
34 موت السيد 36
35 كتابة الوصي والأب والولي 37
36 من تجوز كتابته من المماليك 37
37 كتابة النصراني 38
38 كتابة الحربي 39
39 كتابة المرتد من المالكين والمملوكين 41
40 العبد يكون للرجل نصفه فيكاتبه ويكون له كله فيكاتب نصفه 42
41 العبد بين اثنين يكاتبه أحدهما 43
42 العبد بين اثنين يكاتبانه معا 44
43 ما تجوز عليه الكتابة 46
44 الكتابة على الإجازة 47
45 الكتابة على البيع 48
46 كتابة العبيد كتابة واحدة صحيحة 48
47 ما يعتق به المكاتب 50
48 حمالة العبيد 51
49 الحكم في الكتابة الفاسدة 52
50 الشرط الذي يفسد الكتابة 53
51 الخيار في الكتابة 53
52 اختلاف السيد والمكاتب 54
53 جماع أحكام المكاتب 56
54 ولد المكاتب وماله 57
55 مال العبد المكاتب 57
56 ما اكتسب المكاتب 58
57 ولد المكاتب من غير سريته 59
58 تسرى المكاتب وولده من سريته 60
59 ولد المكاتب من أمته 60
60 كتاب المكاتب على ولده 61
61 ولد المكاتبة 62
62 مال المكاتبة 63
63 المكاتبة بين اثنين يطؤها أحدهما 63
64 تعجيل الكتابة 65
65 بيع المكاتب وشراؤه 66
66 قطاعة المكاتب 69
67 بيع كتابة المكاتب ورقبته 70
68 هبة المكاتب وبيعه 70
69 جناية المكاتب على سيده 71
70 جناية المكاتب ورقيقه 71
71 جناية عبيد المكاتب 73
72 ما جني على المكاتب فله 74
73 جناية المكاتب على سيده والسيد على مكاتبه 74
74 الجناية على المكاتب ورقيقه 75
75 عتق سيد المكاتب 78
76 المكاتب بين اثنين يعتقه أحدهما 78
77 ميراث المكاتب 79
78 عجز المكاتب بلا رضاه 80
79 بيع كتابة المكاتب 82
80 استحقاق الكتابة 82
81 الوصية بالمكاتب نفسه 84
82 الوصية للمكاتب 85
83 الوصية للعبد أن يكاتب 86
84 الكتابة في المرض 87
85 إفلاس سيد العبد 87
86 ميراث سيد المكاتب 88
87 موت المكاتب 89
88 في إفلاس المكاتب 90
89 ميراث المكاتب وولاؤه 91
90 باب الولاء 91