فيشركه فيما أذن له به وهو لا يملكه فأخذ الذي له على الحر وإذنه له بالقبض وغير إذنه سواء فإن قبضه ثم تركه فإنما هي هبة وهبها له تجوز إذا قبضها.
ما تجوز عليه الكتابة أخبرنا الربيع بن سليمان قال (قال الشافعي) رحمه الله تعالى أذن الله عز وجل بالمكاتبة وإذنه كله على ما يحل، فلما كانت المكاتبة مخالفة حال الرق في أن السيد يمنع مال مكاتبه وأن مكاتبه يعتق بما شرط له سيده إذا أداه كان بينا أن المكاتبة لا تجوز إلا على ما تجوز عليه البيوع والإجارات بأن تكون بثمن معلوم إلى أجل معلوم وبعمل معلوم وأجل معلوم فما جاز بين الحرين المسلمين في الإجارة والبيع جاز بين المكاتب وسيده وما رد بين الحرين المسلمين في البيع والإجارة رد بين المكاتب وسيده فيما يملك بالكتابة لا يختلف ذلك فيجوز أن يكاتبه على مائة دينار موصوفة الوزن والأعيان إلى عشر سنين وأول السنين سنة كذا وآخرها سنة كذا تؤدى في انقضاء كل سنة من هذه العشر السنين كذا وكذا دينارا ولا بأس أن تجعل الدنانير في السنين مختلفة فيؤدى في سنة دينارا وفى سنة خمسين وفى سنة ما بين ذلك إذا سمى كم يودى في كل سنة ولا خير في أن يقول أكاتبك على مائة دينار تؤديها في عشر سنين لأنها حينئذ قل بانقضاء العشر السنين فتكون نجما واحدا والكتابة لا تصلح على نجم واحد أو تكون تحل في العشر السنين فلا يدرى في أولها تحل أو في آخرها وكذلك لا خير في أن يقول أكاتبك على أن لا تمضى عشر سنين حتى تؤدى إلى مائة دينار وكذلك لو قال تودي إلى في عشر سنين مائة دينا كيف يخف عليك غير أن العشر السنين لا تنقضي حتى تؤديها وذلك أنهما لا يدريان حينئذ كم يؤدى في كل وقت وكذلك لا خير في أن يقول أكاتبك على مائة دينار أو على ألف درهم وإن سمى لها آجالا معلومة لأنه لا يدرى حينئذ على أي شئ الكتابة وكذلك لو قال أكاتبك على مائة دينار تؤديها إلى كل سنة عشرة دنانير على أنك تدفع إلى عند رأس كل سنة بالعشرة الدنانير مائتي درهم أو عرض كذا لم يجز من قبل أن المكاتبة وقعت بعشر دنانير في كل سنة وأنه ابتاع بالعشرة دراهم والعشرة دين فابتاع دراهم دينا بدنانير دين وهذا حرام من جهاته كلها وكذلك إن قال ابتعت منك إذا حلت عرضا لأن هذا دين بدين والدين بالدين لا يصلح وزيادة فساد من وجه آخر ويجوز أن يكاتبه بغرض وحده ونقد وإذا كاتبه بعرض لم يجز إلا أن يكون العرض موصوفا والأجل معلوما كما لا يجوز أن يشترى إلى أجل إلا إلى أجل معلوم وصفة معلومة يقام عليهما وإذا كان العرض في الكتابة لم يجز إلا أن يكون كما يكون في أن يسلف في العرض سواء لا يختلفان فإن العرض ثيابا قال ثوب مروى طوله كذا وكذا وعرضه كذا وصفيق أو رقيق جيد يوفيه إياه في موضع كذا فإن ترك من هذا شيئا لم تجز الكتابة عليه كما لا يجوز أن يسلف فيه إلا هكذا وهكذا إن كان العرض طعاما أو حيوانا أو رقيقا أو ما كان العرض فإن كان من الرقيق قال عبد أسود فراني من جنس كذا أسود حالك السواد أمرد مربوع أو طوال أو قصير برئ من العيوب، وإذا كان من الإبل قال جمل ثنى أو رباع من نعم بنى فلان أحمر أو جون غير مودن برئ من العيوب ويوفيه إياه في موضوع كذا وقت كذا فإن ترك من هذا شيئا لم تجز الكتابة إلا أن يترك قوله برئ من العيوب فإنما له برئ من العيوب وإن لم يشترط ذلك وسواء كاتبه على عروض منفردة أو عروض ونقد يجوز ذلك كله كما يجوز أن يبيعه دارا بعرض ونقد إذا كان كل ما باعه معلوما وإلى أجل معلوم والله تعالى الموفق.