كره سيد المكاتب فإن كان خيرا أو شرا من حنطته لم تكن قصاصا حتى يرضى المكاتب إذا كانت الحنطة المحرقة خيرا من الحنطة التي عليه أن يجعلها قصاصا أو يرضى السيد أن يجعلها قصاصا إذا كانت الحنطة التي حرق شرا من الحنطة التي له على المكاتب فلا تكون قصاصا إلا بأن يحتال بها المكاتب برضاه على السيد وهكذا لو كان مكان الحنطة جناية على المكاتب لم يختلف هذا وإن جنى السيد على المكاتب جناية لزمه بها أرش فجعلها السيد والمكاتب قصاصا تأخر ما على المكاتب أو كان ما على المكاتب حالا يلزم السيد بها مثل ما على المكاتب أو أكثر برضاهما ثم عاد السيد فجنى على المكاتب جناية ثانية كانت جنايته على حر فيها قصاصا إن كانت مما يقتص منه وأرش الحر إن كانت مما لا يقتص منه وإن اعتقل بأنه لم يعلم بأنه يعتق بأن يصير لمكاتبه عليه مثل الذي بقي من كتابته فيكون قصاصا فيعتق لم يقبل ذلك منه كما لا يقبل من رجل علم رجلا عبدا فقتله بعدما عتق، ولم يعلم بعتقه (قال الربيع) وفيه قول آخر أنه يؤخذ منه دية حر ولا قود لموضوع الشبهة كما لو قتل حربيا ولم يعلم بإسلامه فعليه دية حر ولا قود وهو يفارق الحربي لأنه حلال له على الابتداء قتل الحربي وليس حلالا له على الابتداء قتل العبد (قال الربيع) وقول الشافعي أصح (قال الشافعي) رحمه الله تعالى ولو عتق المكاتب وعاد السيد أو غيره فجنى عليه جناية بعد عتقه وقد علم الجناني عتقه أو لم يعلم فسواء وجنايته عليه كجنايته على حر ولو جنى سيد المكاتب على المكاتب فقطع يده فلزمه نصف قيمته وكان قد حل عليه مثل ما لزمه له وكان آخر نجومه عتق به وكذلك لو لم يحل فجعله السيد والمكاتب قصاصا عتق به فإن عاد السيد فقطع يده الأخرى خطأ فمات لزم عاقلته نصف دية حر بالجناية على اليد الأخرى لأنه جنى عليه وهو حر وإذا جنى على المكاتب فعفا بإذن سيده عن أرش الجناية فالعفو جائز وإذا جنى على المكاتب وعتق فقال كانت الجناية وأنا حر وقال الجاني كانت وأنت مكاتب فالقول قول الجاني وعلى المكاتب البينة وسواء صدقه في ذلك مولى المكاتب أو كذبه فإن قطع مولاه له لا شهادة أن الجناية كانت وهو حر قبلت الشهادة لأنه ليس في شهادته ما يجر به إلى نفسه شيئا وكلفته شاهدا معه فإذا أثبته قضيت له بجناية حر وإذا ملك المكاتب أباه وجنى عليه أبوه فله أن يبيع بقدر الجناية وإذا جنى من ليس للمكاتب أن يبيعه على المكاتب فله أن يبيع منه بقدر الجناية ولا يبيع بأكثر منها ولو جنى عبد المكاتب على المكاتب كانت الجناية هدرا إلا أن يكون فيها قصاص فيكون له أن يقتص فأما إذا كانت عقلا أو عمدا فأراد أرش الجناية فليس ذلك له ولكن له بيعه على النظر كما يكون له بيعه بلا جناية جناها وإذا جنى المكاتب على عبد له بيعه فجنايته هدر إلا أن تكون الجناية عمدا فيها قصاص فيكون له القصاص فأما مال فلا يكون العبد على سيده بحال وكذلك لو ملك المكاتب أباه أو أمه فجنى عليما فإن كانت جنايته فيها قصاص فلهما القصاص وليس لهما اختيار المال أن يأخذاه منه وهما غير خارجين من ملك المكاتب ولا أن يأخذا منه مالا لو كانت الجناية خطأ ولو عتقا وعتق لم يكن لهما أن يتبعاه بمال لأن ذلك كان وهما غير خارجين من ملكه ولو جنى العبد المكاتب على ابن له كاتب معه كانت جنايته عليه كجنايته على أجنبي يأخذه بها الابن ولا يكون له أن يعفوها لأن الابن مملوك لغيره كهو ولو كانت عمدا لم يكن للابن أن يقتص منه وكان عليه أن يأخذ منه أرشها وليس للابن ترك الأرش له فإن لم يأخذ منه الأرش حتى عتق الابن قبل يأخذها منه فله عفوها عتق الأب أو لم يعتق لأن حقه مال له لا سبيل لاحد عليه فيه.
(٧٧)