أبطلناها لأنهما جاءانا (قال) ونبطلها ما لم يؤد المكاتب الخمر أو الخنزير وهما نصرانيا فإذا أدى الخمر أو الخنزير وهما نصرانيان ثم ترافعا إلينا أو جاءنا أحدهما فقد عتق ولا يراد واحد منهما على صاحبه بشئ لأن ذلك مضى في النصرانية بمنزلة ثمن خمر بيع عندهم، ولو كاتبه في النصرانية بخمر فأداها إلا قليلا ثم أسلم السيد والعبد بحاله فجاءانا أبطلنا المكاتبة كأنه ليس له أن يأخذ خمرا وهو مسلم، وكذلك لو أسلم العبد ثم جاءنا السيد والعبد أبطلنا المكاتبة كأنه ليس لمسلم أن يؤدى خمرا، وكذلك لو أسلمنا جميعا، وكذلك لو لم يسلم واحد منهما وجاءنا أحدهما أبطلنا المكاتبة لأنه ليس لمسلم أن يقتضى خمرا (قال) ولو أسلم السيد والعبد أو أحدهما وقد بقي على العبد رطل خمر فقبض السيد ما بقي عليه عتق العبد بقبضه آخر كتابته ورجع السيد على العبد بجميع قيمته دينا عليه لأنه قبضها وليس له ملكها إن كان هو المسلم، وكذلك إن كان العبد المسلم فليس له قبضها منه ولا لمسلم تأديتها إليه، ولو أن نصرانيا ابتاع عبدا مسلما أو كان له عبد نصراني فأسلم ثم كاتبه بعد اسلام العبد على دنانير أو دراهم أو شئ تحل الكتابة المسلمين عليه أولا تحل ففيها قولان. أحدهما أن الكتابة باطل لأنها ليست بإخراج له من ملكه تام ومتى ترافعوا إلينا رددناها وما أخذ النصراني منه فهو له لأنه أخذه من عبده فإن لم يترافعوا حتى يؤديها العبد المكاتب عتق وتراجعا بفضل قيمة العبد إن كان ما قبض منه النصراني أقل من قيمته رجع على العبد بالفضل وإن كان ما أدى إليه العبد أكثر من القيمة رجع على النصراني بالفضل عن قيمته ولو كاتبه بخمر أو خنزير أو شئ لا ثمن له في الاسلام يعد ما أسلم العبد كانت الكتابة فاسدة فإن أداها العبد عتق بها ورجع عليه النصراني بقيمة تامة لأنه لا ثمن للخمر الذي دفع إليه ولو كانت المكاتبة للنصراني جارية كانت هكذا في جميع المسائل ما لم يطأها فإن وطئها فلم تحمل فلها مهر مثلها وإن وطئها فحملت فأصل كتابتها صحيح وهي بالخيار بين العجز وبين أن تمضى على الكتابة فإن اختارت المضي على الكتابة فلها مهر مثلها وهي مكاتبة ما لم تعجز وإن اختار العجز أو عجزت جبر على بيعها ما لم تلد فإن ولدت له فالولد مسلم حر بإسلامها لا سبيل عليه لأنه من مالكها وإن مضت على الكتابة فمات النصراني فهي حرة بموته ويبطل عنها ما بقي عليها من الكتابة ولها مالها ليس لورثته منه شئ لأنه كان ممنوعا من مالها بالكتابة ثم صارت حرة فصاروا ممنوعين منه بحريتها وإن ولدت وعجزت أخذ بنفقتها وحيل بينه وبين إصابتها فإذا مات فهي حرة وتعمل له ما تطيق وله ما اكتسبت وجنى عليها. والقول الثاني: أن النصراني إذا كاتب عبده المسلم بشئ يحل فالكتابة جائزة فإن عجز بيع عليه، وكذلك إذا اختار العجز بيع عليه وإذا أدى عتق وكان للنصراني ولاؤه لأنه مالك معتق وإذا كاتبه كتابة فاسدة بيع ما لم يؤد فيعتق فإن أدى فعتق بالأداء فهو حر وولاؤه للنصراني ويتراجعان بقيمة العبد مملوكا وتكون للنصراني عليه دينا (قال) وجناية عبد النصراني والجناية عليه وولده وولد مكاتبته في الحكم إذا ترافعوا إلينا مثل جناية مكاتب المسلم والجناية عليه وولده لا يختلفون في الحكم.
كتابة الحربي (قال الشافعي) رضي الله عنه: وإذا كاتب الحربي عبده في بلاد الحرب ثم خرجا مستأمنين أثبت الكتابة بينهما إلا أن يكون السيد أحدث لعبده قهرا على استعباده وإبطال الكتابة فإذا فعل