المدبر نفسه فيبيعونه بعد موت سيده إذا كان على سيده إذا كان على سيده دين ولم يدع مالا قال هؤلاء باعوه في الحين الذي صار فيه حرا ومنعوه من البيع قبل أن يصير حرا قلت ويقولون أيضا إذا كان العبد بين اثنين فدبره أحدهما تقاوماه فإن صار للذي لم يدبر بطل التدبير فقال وهذا أعجب من القول الأول لأنهم أبطلوا التدبير والسيد لا يريد إبطاله وجبروا المالكين على التقاوم وهما لا يريدانه ولا واحد منهما فهذان أبعد قولين قالهما أحد من الصواب قلت فإذا كانت حجتك بأن وافقك هؤلاء في معنى من قولك وأنت تستدرك في قولهم ما تقول فيه هذا القول أفترى فيك وفيهم حجة على أحد لو خالفكم؟ قال ما فينا حجة على أحد قلت ولو لم يكن مع من خالفكم سنة ولا أقر قال ولو قلت فإن الحجة في السنة قال الحجة مع من معه السنة قلت ولو لم يكن مع من خالفكم سنة كانت الحجة مع من معه الأثر قال:
نعم قلت فهما معا معنا قلت ولو لم يكن أثر كانت الحجة مع من معه القياس؟ قال نعم قلت وأنت وغيرك تشهد لنا أن السنة والأثر والقياس معنا فكيف ذهبت عن هذا كله؟ فرجع بعض أهل العلم منهم عندهم إلى قولنا في المدبر (قال الشافعي) وأخبرني عن أبي يوسف أنه قال السنة والأثر والقياس والمعقول قول من قال يباع المدبر وما رأيت أشد تناقضا من قولنا فيه ولكن أصحابنا غلبونا وكان الأغلب من قوله الأكثر لم يرجع عنه مع هذه المقالة وقد حكى لي عنه أنه اشترى مدبرا وباعه وقال هذه السنة والله تعالى أعلم (قال الشافعي) قال لي قائل منهم لا يشك أهل العلم بالحديث أن ادخال سفيان في حديث عمرو وأبى الزبير فمات فباع النبي صلى الله عليه وسلم مدبره غلط إلا أن الحفاظ كما قلت حفظوه عن عمرو ابن دينار وعن أبي الزبير بسياق يدل على أن سيده كان حيا ولو لم يعلم أن مثل هذا غلط لم نعرف غلطا ولا أمر صحيحا أبدا ولكن لو كان صحيحا لا يخالفه غيره أن النبي صلى الله عليه وسلم باع المدبر بعد موت سيده الذي دبره ما كان القول فيه إلا واحدا من قولين أحدهما أن التدبير لا يجوز إذا لم يكن أنه باعه في دين على سيده لأن أقل أمره عندنا وعندك إذا كان التدبير جائزا أن يعتق ثلثه إن لم يكن على سيده دين وهذا أشبه بظاهر الحديث الثاني أن الناس إذا اجتمعوا على إجازة التدبير فلا يكون أن يجهل عامتهم سنة النبي صلى الله عليه وسلم فلم يبعه النبي صلى الله عليه وسلم وشئ منه يخرج من الثلث وإن لم يكن ذلك مؤدى في الحديث قال ولو لم يكن ذلك حجة في المدبر إلا هذا وكان صحيحا أكانت لك الحجة؟ فقلت: نعم فقال وما هي، قلت لو باعه النبي صلى الله عليه وسلم بعد الموت استدللت على أن الحرية لم تتم فيه وأنه وصية وأن الوصايا تكون من الثلث وذلك أنى رأيت أم الولد تعتق فارغة من المال والمكاتب لا تبطل كتابته بموت سيده فلما بطلت وصية هذا وجاز بيعه استدللت على أن بيعه في الحياة جائز لأنه وصية من الوصايا له الرجوع فيها كما يرجع في الوصايا وأنه خارج من معنى من يثبت له العتق لأن المكاتب يرق إذا عجز فلا تبطل كتابته حتى يكون يبطلها هو فتبطل بالعجز وكان بسبب من حرية فلم تبطل حتى يبطلها هو ويبطل تدبير المدبر واستدلت على أن المدبر وصية وإن صار إليه عتق فبالوصية لا بمعنى حرية ثابتة (قال الشافعي) وزعم آخر قال فجمله قوله لا يباع المدبر لأن سيد المدبر إذا أدان دينا يحيط بماله لم يبع مدبره في دينه ولا في جناية لو جناها المدبر لأنه محبوس على أن بموت سيده يعتق بموته فإن مات سيده وعليه دين بيع في دينه وكذلك إن كانت على المدبر جناية لم يبع في جنايته فمنعه من أن يباع وسيده حي قبل يقع له العتق وقد يموت المدبر قبل سيده فيموت عبدا لأنه لا يقع عليه العتق عنده إلا بموت سيده فلما مات سيده وانقضى عنه الرق عنده ووقع عتقه باعه في جناية نفسه ودين سيده فباعه في أولى حالة أن يمنعه فيها من البيع ومنعه البيع