الأحكام - الإمام يحيى بن الحسين - ج ٢ - الصفحة ٥٠٧
قتال من بغى من المسلمين على طائفة من المؤمنين فكيف بقتال من بغى على رب العالمين وخالف حكم المحقين، ولم يطع من أمره الله بطاعته من الأئمة الهادين، فمن امتنع من ذلك وخالف الرحمان وأبدى المجاهرة لله والعصيان وجب على المسلمين قتاله أبدا حتى يفئ إلى أمر الله ويحكم بحكم الله ويسلم الامر لأولياء الله حتى يكون الدين لله خالصا كما قال عز وجل فيما نزل من كتابه وفرقانه: * (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين) * (37) فيجب على من قاتل الظالمين الباغين أن يحتج عليهم من قبل قتالهم ويدعوهم إلى كتاب ربهم فإن أجابوا حرم عليهم قتلهم وقتالهم وأموالهم وإن امتنعوا من الحق حل للمسلمين قتلهم وقتالهم ويغنم ما أجلبوا به في عساكرهم ولم يجز سبيهم ولم يحل ذلك فيهم.
كذلك فعل أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام بالبصرة يوم الجمل قتل من قاتله وأخذ ما في العسكر ولم يتبع من المنهزمين مدبرا ولم يجز على جريح ولم يجز لاحد سبيا فتكلم بعض أصحابه في ذلك وقالوا أحللت لنا دماءهم وأموالهم وحرمت علينا سبيهم، فقال: ذلك حكم الله فيهم وعليهم وفي غيرهم من سواهم ممن يفعل كفعلهم، فلما إن أكثروا عليه في ذلك قام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ثم قال: أيها الناس إنكم قد أكثرتهم من القيل والقال والكلام في ما لا يجوز منا المحال فأيكم يأخذ عايشة في سهمة، فقالوا كلهم لا أينا، فقال فكيف ذلك وهي أعظم الناس جرما. فلما أن قال ذلك لهم استفاقوا من جهلهم

(٥٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 502 503 504 505 506 507 508 509 510 511 512 ... » »»
الفهرست