أن يتنفل، ويجوز له مع اجتهاد الرأي فيه ما يفعل لأنه إنما يأخذ ويعطي ويحكم بما يرى من الغنائم قبل قسمها وما حكم الله به من ذلك في حكمها فيما هو لله ولرسوله خالصا وما جاء به حكم آية الأنفال خاصا وقد ذكر أنما كان يأخذه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لنفسه كان يدعى الصفي وهذا الاسم دليل على أنه إنما كان يصطفى ويؤخذ من جميع الغنائم، والبرهان فيه بين لأنه لو كان الصفي إنما هو عن مقاسمة معتدلة متساوية لكانت أقسامها إذا عدل فيها مشتبهة متكافئة ولم يجز أن يقال صفي ولا مصطفى وهي كلها مشتبهة أكفاء.
قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه وللامام أن ينفل من جميع الغنائم قبل قسمتها من أحب أن ينفله لان الله تبارك وتعالى قد جعل أمر الأنفال إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وما كان من الحق والحكم في ذلك لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهو للأئمة المحقين من أهل بيته التابعين الذين هم به مقتدون وبسيرته صلى الله عليه وعلى آله وسلم سائرون وبحكمه وسنته حاكمون.
حدثني أبي عن أبيه أنه قال: إذ جمعت الغنائم جاز للامام أن ينفل من رأى تنفيله، وأن يفعل في ذلك بما كان يفعله رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فينفل من جملته إن رأى في ذلك على قدر ما يرى ويفرق منه شيئا على من أبلى وأعنى في عدو الله ونكا، فإذا فعل ذلك فقد قام عندي حينئذ بما يجب عليه لأهل الاجتهاد في القتال وبما ذكر الله سبحانه في حكمه في سورة الأنفال إذ يقول سبحانه:
* (يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين) * (23) فلو لم يكن الأنفال