الأحكام - الإمام يحيى بن الحسين - ج ٢ - الصفحة ٤٨٣
كما كان بالأمس ثم أخرج الدعاة بين الصفين معهم المصاحف وأمر بالكتاب الذي قرئ بالأمس عليهم أن يقرأ اليوم فإن أجابوا وإلا أشهد الله عليهم وملائكته ورسله ثم انصرفوا إلى معسكرهم، فإن أمكن الإمام ورأى لذلك وجها أن يدفع ذلك اليوم دفعه فإن ذلك أكمل للحجة فيهم وأقرب إلى نصر الله عليهم، فإذا انصرف فليجعل عليهم الطلائع والجواسيس وليتحصن في نهاره وليلته بخندق إن أمكنه محيط بكل عسكره ويطرح حسيكا إن كان معه، فإن لم يمكنه شئ من ذلك أمر القواد بتعبئة أصحابهم والحذر في ليلهم ونهارهم والمحارس وقلة الغفلة، واستعمال التوقع والمخافة لكيد عدوهم، وأمرهم إن هجم على طائفة منهم إلا يتكلم ولا يصيح خلق من العسكر إلا من كان في تلك الناحية، فإن كان من ذلك شئ أمد موضع الصياح والتكثير بالرجال وأوقد لهم ناحية من رحله على ساحة نارا كثيرة عظيمة يأنسون إليها ويعلمون بتدبير صاحبهم لها، فإذ كان اليوم الثالث برز إلى عدوه وصف عساكره وعبأ جيوشه وخطبهم ووعظهم وأخبرهم بما أعد الله للصابرين، ثم أمر الدعاة فخرجوا فوقفوا بين الصفين كما كانوا يفعلون معهم المصاحف منشورة وعلى الرماح مرفوعة ويأمر بالكتاب الذي فيه الدعوة فيقرأ على العدو ويدعون إلى ما فيه، فان أجابوا قبلوا وان أبوا أشهد الدعاة الله عليهم ثلاثا ثم يرجعون إلى معسكرهم ثم قد بان إن شاء الله خذلانهم ووجب النصر للمؤمنين عليهم، فليزحف عسكر الإمام إليهم زحفا زحفا معا معا بالنية والبصيرة والمعرفة والحجة الكريمة بوقار وخشوع وذكر لله، وخضوع يكبرون التكبيرة بعد التكبيرة، فإن خرجت لهم خيل خرجت إليها خيل، وإن برزت رجالة برزت إليها رجالة، وإن لم يخرج من ذلك شئ زحف القوم معا حتى يقعوا في عدوهم ويظهروا
(٤٨٣)
مفاتيح البحث: الكرم، الكرامة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 478 479 480 481 482 483 484 485 486 487 488 ... » »»
الفهرست