الأحكام - الإمام يحيى بن الحسين - ج ٢ - الصفحة ٤٧٩
وحدثني أبي عن أبيه أنه قال: سأل المأمون رجلا من بعض آل أبي طالب ممن كان كبيرا عند المأمون أن يواصل بينه وبين القاسم بن إبراهيم رحمة الله عليه بكتاب ويجعل له من المال كذا وكذا أمرا جسيما غليظا عظيما، قال: فأتاه ذلك الرجل فكلمه في أن يكتب إلى المأمون كتابا أو يضمن له أن كتب إليه المأمون كتابا أن يرد على جوابا فقال القاسم ابن إبراهيم رضي الله عنه للرجل: لا والله لا يراني الله أفعل ذلك أبدا.
قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: من أخاف ظالما جائرا غاشما في دنياه أمنه الله يوم الروع في آخرته قال: والذي نفس يحيى بن الحسين بيده ما يسرني أني أمنت الظالمين وأمنوني ليلة واحدة وأن لي ما طلعت عليه الشمس، لان ذلك لو كان مني كان ركونا إليهم وموالاة لهم وقد حرم الله ذلك على المؤمنين قال: وبلغنا عن بعض السلف أنه قال: من بات منهم خائفا وباتوا منه خايفين وجبت له الجنة.
باب القول فيما يجب على المؤمنين الذين لا يستطيعون التغيير لما يرون من أفعال الظالمين قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: يجب على المؤمنين إنكار المنكر على الظالمين بأيديهم إن استطاعوا ذلك فإن لم يستطيعوه وجب عليهم إنكاره بألسنتهم، فإن لم يمكنهم ذلك وجبت عليهم الهجرة عنهم والانكار والمعاداة للظالمين بقلوبهم وترك المقام بينهم والمجاورة لهم فمن لم يستطع ذلك من المؤمنين لكثرة عياله وحاجتهم إليه ولم يكن يستطيع أن يشخص بهم معه فليقم عندهم فينة من دهره حتى يكتب لهم ما يجزيهم فينة من دهرهم ثم يشخص مهاجرا في أرض الله عن قرب الظالمين حتى إذا خاف الضيعة على عياله عاد عند
(٤٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 474 475 476 477 478 479 480 481 482 483 484 ... » »»
الفهرست