الأحكام - الإمام يحيى بن الحسين - ج ٢ - الصفحة ٤٧٢
وفي ذلك ما روي عنه عليه السلام من قوله بعد رجوعه من صفين وهو يخطب على المنبر بالكوفة فتلكم بعض الخوارج فقال لا حكم إلا لله ولا طاعة لمن عصى الله، فقال رحمة الله عليه: حكم الله ننتظر فيكم، أما إن لكم علينا ثلاثا ما كانت لنا عليكم ثلاث لا نمنعكم الصلاة في مسجدنا ما كنتم على ديننا، ولا نبدؤكم بمحاربة حتى تبدؤونا، ولا نمنعكم نصيبكم من الفئ ما كانت أيديكم مع أيدينا، فقال أيديكم مع أيدينا، يريد في المحاربة لعدونا فدل بذلك على الاستعانة بالمخالفين ما جرت عليهم أحكام رب العالمين.
حدثني أبي عن أبيه: انه كأن يقول في الاستعانة في محاربة الباغين بمن فسق من أهل الملة والموحدين فقال: يستعان بهم عليهم إذا أعانوا ثم لا سيما إذا ما خضعوا لحكم الحق واستكانوا لان الله سبحانه فرض عليهم معاونة المحقين وإن كانوا ظلمة فجرة فاسقين كما فرض عليهم وإن فسقوا غير ذلك من الصلاة وغيرها من فرائض الدين، وفيما فرض الله عليهم سبحانه من فرائضه وإن فسقوا أدل دليل على ذلك من أمرهم وأبيه تبيين وكيف لا يستعان بالفاسقين عليهم والمعاونة واجبة من الله عز وجل على الفاسقين فيهم ولا يحل لها في دين الله من مؤمن ولا فاسق تعطيل ولا ترك، وتركها وتعطيلها عند الله لعنة وهلك.
فإن قال قائل كيف بما لا يؤمنون عليه مما حرم الله من الفجور والظلم، قيل له: إن صاروا في ذلك إلى شئ حكم عليهم فيه بما يلزمهم فيه من الحكم، ولو حرمت الاستعانة بهم من أجل ما يخافون عليه من ذلك في الباغين لحرمت الاستعانة بهم على قتال المشركين لأنه قد يخاف في ذلك من فجورهم وغشهم ما يخاف على الباغين مثله سواء من ظلمهم، وقد استنفر الله تبارك وتعالى المنافقين في سبيله
(٤٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 467 468 469 470 471 472 473 474 475 476 477 ... » »»
الفهرست