قال: ويجب للرعية على الإمام أن يهديهم إلى الحق، وينهاهم عن الفسق، ويأمرهم بالمعروف الأكبر، وينهاهم عن التظالم والمنكر، ويحكم بحكم الله فيهم ويمضي أحكام الله عليهم، ويعدل بينهم في حكمه، ويساوي بينهم في قسم فيئهم، ويحملهم على كتاب ربهم، ويفقههم في الدين، ويقربهم من رب العالمين، ويوفر أموال الأغنياء، ويغني في أموال ربهم الفقراء ويشبع منهم البطون الجائعة، ويكسو منهم الظهور العارية، ويقضي ديونهم، وينكح من لا يجد إلى النكاح طولا منهم، على قدر السعة والوجود، ويقربهم ولا يبعدهم، ويكرمهم ولا يهينهم، ويظهر لهم ولا يحتجب عنهم، ويعني بهم ولا يرفض أمرهم، ويتفقد منهم الخلة، ويسبغ عليهم النعمة ويكون بهم رؤوفا رحيما وعنهم ذا صفح حليما شديدا على من خالف منهم الرحمن حتى يرده إلى الخير والاحسان ويردعه عن الظلم والعصيان لا يستأثر عليهم بأموال ربهم ولا يصرفها في غير شأنهم، بل يرد أموال الله حيث أمره بردها إليه ويصرفها فيما جعلها الله تصرف فيه من أحوج وجوه أمور المسلمين إليها وأردها نفعا وخيرا وصلاحا على الأمة وفيها، وأن لا يتجبر عليهم ولا يرفع نفسه فوق ما يجب له عليهم وأن يكون للأبناء خيرا من الآباء وللآباء خيرا من الأبناء متحننا شفيقا متفقدا رفيقا متأنيا حليما فإذا فعل ذلك فقد أدى إلى الله أمانته ونصح رعيته وأظهر عدله وفك من الاغلال رقبته ووكد لله حجته وشابه بفعله جده الذي كان كما ذكر الله عنه حين يقول: * (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) * (16) ووجبت على الأمة طاعته ونصرته ومكاتفته ومعاوته وموادته، وحرم عليها خذلانه وتركه ولم يجز لها
(٤٧٦)