الأحكام - الإمام يحيى بن الحسين - ج ٢ - الصفحة ٤٧٣
وذمهم في كتاب على التخلف عن نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعن المؤمنين وقاتل بهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم المشركين والمنافق أحق وأولى بأن يخاف ويتقي من موحد وإن فسق وتعدى وكان فاجرا مفسدا، ولو حرمت على المؤمنين معاونتهم للزم المؤمنين طردهم فيها ومحاربتهم ولو كان في معاونتهم لهم اجتياح جميع الظالمين وفي تركهم الاستعانة بهم هلاك جميع المسلمين، لما حلت للمؤمنين منهم ما كانوا فاسقين معاونة ولا مناصرة، ولا يحق على الفاسقين أن يكون منهم للمؤمنين إجابة ولا مظاهرة وكيف يرونه يقول من قال بهذا القول أو ذهب إليه في رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم نفسه لو كان اليوم حيا سويا في أهل ملته وفي من بقي اليوم من الأمم المختلفة أيدعوهم وهم على ما هم عليه اليوم من الحال، بل إن دعاهم فاستجاب له طائفة منهم من الضلال إلى أن يقيم حق الله فيهم وفي العوام فهل يلزمه ذلك أن يحكم بينهم بما أمره الله به من الأحكام، أو لا يحكم بأحكام الله عليهم لما بأن له من الفسق والضلال فيهم أم يلبث فيهم ومعهم وبين أظهرهم ما أقاموا على ضلالهم وفسقهم أباد مقيما فكيف يكون ذلك وقد قال الله سبحانه: * (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما) * (12) وإذا ترك الظالمين وهو يجد السبيل بهم وبالمسلمين إلى تغيير ظلمهم وجنايتهم وما أسخط الله منهم فذلك من أكبر سخط الله في المخاصمة والمجادلة عنهم، وقد قال الله سبحانه في مثل ذلك أيضا وفيما أوجبه على رسوله فرضا: * (ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما) * (13) فنهاه تبارك وتعالى أن يجادل عن الخائنين أو يكون لهم

(٤٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 468 469 470 471 472 473 474 475 476 477 478 ... » »»
الفهرست