ولا أن تتعطر ولا أن تلبس حليا ولا صباغا لزينة ولا فرح، وأوجب عليها إظهار الحزن والجزع على بعلها إعظاما لحق الزوج على الزوجة وتعريفا للخلق بعظيم الحرمة بين الزوج والزوجة فإذا كان ذلك كذلك ثم مات زوجها في أول السنة ولم تعلم وهي دائبة في فعل ما لا يجوز لها من التزين والتعطر سنتها كلها، لم تظهر قط جزعا ولم تمتنع من شئ مما لا يجوز للمتوفى عنها زوجها حتى إذا كان آخر السنة علمت أنه قد مات في أولها فنهضت من ساعتها التي علمت فيها بموت زوجها فتزوجت زوجا آخر ودخلت عليه من بعد أيام فتزينت له وتعطرت فأين الحزن والحداد، وترك ما أوجب الله تركه على مثلها عند من قال باعتدادها من يوم مات زوجها فلا أراه أوجب عليها حزنا، ولا رفض شيئا من الزين ولا اعتزال التزويج إلى مدة ما جعل الله عليها في ذلك من المدة بل أراه قد طرح عنها كل هم وحداد وغم ومنعها الوقوف لنفاد عدتها، وأطلق لها التزويج من ساعتها وهذا خلاف ما أراد الله منها في ترك ما أمرها بتركه من لذيذ العيش عند موت زوجها، ومن أطلق لها ذلك وأجاز أن تعتد من يوم يصح لها موته فقد أبطل المعنى الذي أراده الله من الزوجة عند موت زوجها، ومنعه لها مما منعها، ولو جاز ذلك لها لكان للمتوفى عنها زوجها حالتان في كتاب الله سبحانه والسنة مبينتان حالة تشقى فيها وحالة تنعم معها، فأما حالة الشقاء فإذا علمت بموت زوجها من ساعته، وأما حالة التنعم فحالة علمها بموت زوجها من بعد أربعة أشهر وعشر فلا يجب عليها أن تعتزل شيئا مما يعتزله غيرها، وهذا محال من المقال فاحش من الفعال عند ذوي العقول والألباب فاسد من كل الأسباب.
(٤٤١)