وهذا لا ينافى ما اخترناه من ترجيح القول بالشكف كما هو مذهب الاكثر. و عدم تفصيلهم فى المقام انما هو لعدم التفاتهم الى هذا الفرد وانما كان نظرهم الى الفضولى المعهود، او مطلق ما كان المجيز هو من كان مالكا للعين حين العقد. فهذا القول ليس خرقا للاجماع المركب. مع ما عرفت من نقل القول الثالث فى الفضولى المعهود، او فى ما هو اعم منه ايضا. على انا نقول انه لا مناص لهم ايضا عن ذلك، اى التزام العقد الجديد فى بعض الصور، وتطبيقه على الاجازة، و توجيه صدقها عليه بملاحظة ما يشبه نوعا من الاستخدام.
فمعنى " اجزت البيع "، " رضيت بالانتقال اليه من باب البيع ". فاللازم فى " البيع " او الضمير لو قال " اجزتها " راجع الى الاثر المترتب على مطلق البيع، لا البيع الخاص الواقع فى الخارج، حتى يقال انه ليس الرضاء به. و يكفى هذا فى صدق معنى الاجازة.
توضيحه: ان الاجازة فى صورة كون البايع غاصبا وقاصدا لبيع الملك لنفسه، مصححة للبيع - على الاصح. كما ذهب اليه الاكثر - وهو ليس فى معنى لحوق الاجازة بالعقد كما هو كذلك فى الفضولى المعهود، بل بمعنى تبديل رضا الغاصب و بيعه لنفسه وقصده لوقوع البيع لنفسه، برضا المالك ووقوع البيع عنه. والفرق واضح بين لحوق رضا المالك بمقتضى العقد ووقوعه من قبله بالعقد، و بين تبديل الرضا والايقاع من الغاصب بالرضا والايقاع عن المالك.
لا يقال: ان ايجاب البايع الغاصب لنفسه مركب من امرين: الايجاب. و كونه لنفسه.
فاذا بطل كونه لنفسه، فيبقى الايجاب، و بسبب اجازة المالك يتحقق لحوق الرضا من المالك بالعقد. فهو من باب لحوق الرضا بعقد الفضولى.
لانا نقول: ان الفصل علة لوجود الجنس - على التحقيق - فبانتفائه ينتفى الجنس. فيرجع الكلام الى تبديل نوع بنوع آخر. لا من باب لحوق الفصل بالجنس، لعدم وجود الجنس بعد انتفاء فصله. و كذلك الكلام فى بيع المكره ولحوق الاجازة به فان الايجاب على سبيل الاكراه نوع مغاير للايجاب على سبيل الرضا. فتصحيحه بالاجازة ليس الا من باب تبديل نوع بنوع آخر، لا من باب لحوق الرضا بالايجاب.