واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ٩٠
بدور التقية والكتمان، إذ لا يعقل ظهورها وبهذا الحجم - الذي أرعب الكثير من الدوائر الاستعمارية - كان فجأة وبلا استعداد وتنظيم.
13 - أخرج البخاري من طريق عبد الوهاب، عن أبي مليكة قال: إن النبي (ص) أهديت له أقبية من ديباج مزررة بالذهب، فقسمها في ناس من أصحابه، وعزل منها واحدا لمخرمة، فلما جاء، قال: خبأت هذا لك.
قال أيوب (أحد رجال اسناد البخاري) بثوبه أنه يريد إياه، وكان في خلقه شئ (1).
قال محمد بن يوسف الكرماني (ت / 786 ه‍) في شرح صحيح البخاري: أيوب بثوبه: أي:
متلبسا به، حالا عن لفظ خبأت، يعني: قال رسول الله (ص): خبأت هذا الذهب لك، وكان ملتصقا بالثوب، وإن رسول الله (ص) كان يري مخرمة إزاره، ليطيب قلبه به، لأنه كان في خلق مخرمة نوع من الشكاسة.
ولفظ: (قال بثوبه) معناه: أشار أيوب إلى ثوبه ليستحضر فعل النبي (ص) للحاضرين، قائلا: انه يري مخرمة الإزار (2).
أقول: ربما يقال ان الحديث ليس فيه ما يدل على تقية النبي (ص) من مخرمة، لأنه (ص) لم يظهر لمخرمة إلا الواقع، فأين التقية في هذا الحديث؟
والجواب: إن في هذا الحديث مداراة واضحة، والمداراة تدخل في باب التقية، بل لا فرق بينهما كما يظهر من كلام السرخسي في حذيفة بن اليمان

(١) صحيح البخاري ٨: ٣٨ - كتاب الأدب، باب المداراة مع الناس.
(2) صحيح البخاري بشرح الكرماني / الكرماني 722 / 5756 - كتاب الأدب، باب المداراة مع الناس.
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»