واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ٨٥
أقول: لقد طبق هذا الحديث من أدرك الحكم الأموي من الصحابة وما أكثرهم، بل وجميع التابعين، ذلك لأن من الثابت الذي لا يرقى إليه الشك مطلقا، أن عليا عليه السلام قد لعنه الأمويون على منابر المسلمين لعشرات من السنين، ولم يغير أحد هذا المنكر لا من الصحابة ولا من التابعين، إلا القليل الذين احتفظ التاريخ بمواقفهم وسجلها بكل إعزار وتقدير، فقد أدرك الكل أن مثل هذا التغيير سيعرضهم إلى ما لا يطيقون من البلاء، ولا أعلم موقفا أوضح منه في التقية.
6 - أخرج المحدثون عن علي عليه السلام (ت / 40 ه‍) وابن عباس (ت / 68 ه‍)، ومعاذ بن جبل (ت / 18 ه‍)، وعمر بن الخطاب (ت / 23 ه‍)، عن النبي (ص)، أنه قال: استعينوا على إنجاح حوائجكم بالكتمان، فإن كل ذي نعمة محسود (1).
أقول: لقد مرت فائدة كتمان مؤمن آل فرعون إيمانه، حيث استطاع - وبفضل كتمان إيمانه، وتظاهره بمظهر الناصح الشفيق على مصلحة فرعون وقومه - أن يثني فرعون اللعين عما عزم عليه من جرم عظيم.
على أن هذا الحديث لا يعني الأمر بكتمان الحق والتظاهر بالباطل، ولا يحث على ذلك مطلقا، بل فيما يعنيه أن في الكتمان فوائد لا تتحقق بغيره، ولما كانت التقية هي عبارة عن كتمان ما ترى وإظهار خلافه للحفاظ على النفس أو العرض أو المال، إذا اتضحت علاقة الحديث بالتقية.
7 - حديث السيوطي، عن النبي (ص) قال: بئس القوم قوم يمشي المؤمن فيهم

(1) المعجم الكبير / الطبراني: 20: 94 / 183، حلية الأولياء / أبو نعيم 6: 96، الجامع الصغير / السيوطي 1: 150 / 985، كنز العمال / المتقي الهندي 6: 517 / 16800 و 6: 250 / 16809.
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»