واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ٨٩
12 - وما يستدل به على التقية في هذا الباب ما اتفق عليه جميع المسلمين وبلا استثناء من أنه (ص) كان يدعو الناس سرا إلى الإسلام في أول الأمر، إشفاقا منه على هذا الدين العظيم حتى لا يخنق في مهده، وتباد أنصاره.
فالدعوة إلى الإسلام قد بدأت إذا من دائرة التقية، حيث اتفق علماء السيرة، والمؤرخون، والمفسرون وغيرهم على القول بأن رسول الله (ص) لم يجهر بالدعوة إلى الإسلام إلا بعد ثلاث سنين من نزول الوحي (1).
ولو كانت التقية غير مشروعة، لكونها مثلا من الكذب والنفاق والخداع، أو أنها معارضة لعقيدة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لما مرت الدعوة إلى هذا الدين الحنيف بهذا العمر من التستر والكتمان.
وقد مر عن ابن قتيبة (ت / 276 ه‍) في المسائل والأجوبة في مناقشتنا لقول السرخسي في تقية النبي (ص) في الآية الثانية ما له علاقة بالمقام، فراجع.
وإن دل هذا على شئ إنما يدل على ضرورة ملازمة التقية لكل دعوة إصلاح، حتى لا يذاع أمرها، وتخنق في مهدها، ومما يشهد على صحة هذا القول هو ما ينادي به الإسلاميون في الساحة الإسلامية من ضرورة تطبيق أحكام الشرع الإسلامي، ولا شك أن تحركاتهم تلك لا بد وأن تكون قد مرت

(١) راجع كتب السيرة النبوية مثل: السيرة النبوية / ابن هشام ١: ٢٨٠، والسيرة النبوية / ابن كثير ١: ٤٢٧، والسيرة الحلبية / ابن برهان ١: ٢٨٣، والسيرة النبوية / دحلان ١: ٢٨٢ - مطبوع بهامش السيرة الحلبية.
وكتب التاريخ مثل: تاريخ الطبري ١: ٥٤١، والكامل في التاريخ / ابن الأثير ٢: ٦٠، والبداية والنهاية / ابن كثير 3: 37، وكذلك سائر كتب التفسير - لا سيما ما اختص منها بالأثر - في تفسير قوله تعالى: (وأنذر عشيرتك الأقربين) الشعراء 26:
214.
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»