واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ٨٦
بالتقية والكتمان (١).
وهذا الحديث مؤيد بنصوص القرآن الكريم، وقد مر بعضها، حيث امتدح الله تعالى مؤمن آل فرعون، وذم فرعون وقومه.
كما وصف أهل الكهف بقوله تعالى: (إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى) ووصف قومهم بأنهم: ﴿ممن افترى على الله كذبا﴾ (2).
ولا يمكن والحال هذه تصور حياة أهل الكهف خالية من التقية، وهم بين ظهراني قوم يفترون على الله الكذب، مع عتو ملكهم دقيانوس (ت / 385 م) الذي جاس خلال الديار والبلاد بالعبث والفساد، وقتل من خالفه من المتمسكين بدين المسيح عليه السلام، وكان يتبع الناس فيخيرهم بين القتل وعبادة الأوثان (3).
وقد أخرج المفسرون عن ابن عباس (ت / 68 ه‍)، وعطاء (ت / 114 ه‍)، ومجاهد (ت / 103 ه‍)، وعكرمة (ت / 105 ه‍)، وابن جريج (ت / 150 ه‍) وغيرهم من أن عامة أهل بلدهم كانوا كفارا، وكان فيهم قوم يخفون إيمانهم على وجه التقية، ومنهم أصحاب الكهف الذين كانوا من الأشراف على دين عيسى عليه السلام، وكانوا يعبدون الله سرا ويكتمون أمرهم (4).
كل ذلك يؤيد صحة ما رواه السيوطي آنفا، ويفصح عن أن التقية لا تكون

(١) الجامع الصغير / السيوطي ١: ٤٩١ / ٣١٨٦، عن الديلمي في مسند الفردوس، عن ابن مسعود.
(٢) الكهف ١٨: ١٥.
(٣) تقدم هذا الكلام في بيان دلالة الآية الرابعة على التقية، عن تفسير أبي السعود، فراجع.
(٤) الجامع لأحكام القرآن ١٠: ٣٥٩، زاد المسير ٥: ١٢٠، الدر المنثور ٥: ٣٦٦.
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»