واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ٤١
موقن بحقيقته، صحيح عليه عزمه، غير مفسوح الصدر بالكفر، لكن من شرح بالكفر صدرا، فاختاره وآثره على الإيمان، وباح به طائعا فعليهم غضب الله ولهم عذاب عظيم.
ثم أخرج ما يؤيد هذا القول عن ابن عباس أنه قال: فأما من أكره فتكلم به لسانه وخالفه قلبه بالإيمان لينجو بذلك من عدوه، فلا حرج عليه، لأن الله سبحانه إنما يأخذ العباد بما عقدت عليه قلوبهم (١).
وقال أبو بكر الجصاص الحنفي (ت / ٣٧٠ ه‍) - بعد أن أخرج عن معمر رواية أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر المتقدمة -: هذا أصل في جواز إظهار كلمة الكفر في حال الإكراه، والإكراه المبيح لذلك هو أن يخاف على نفسه، أو بعض أعضائه التلف إن لم يفعل ما أمره به، فأبيح له في هذه الحال أن يظهر كلمة الكفر (٢).
ثم ذكر بعد ذلك إن الإكراه بالقتل، وتلف الأعضاء على شرب الخمر، أو أكل الميتة لا بد فيه من امتثال المكره، وإن لم يفعل كان آثما، لأن الله عز وجل قد أباح له ذلك في حال الضرورة عند الخوف على النفس، مستدلا بقوله تعالى: ﴿إلا ما اضطررتم إليه﴾ (3) (4).
ثم أخذ في بيان الأمور التي تصح فيها التقية وعد منها القذف، والأمور التي لا تصح فيها كالقتل والزنا وشبههما مما فيه مظلمة على الإنسان (5).

(١) جامع البيان / الطبري ١٤: ١٢٢.
(٢) أحكام القرآن / الجصاص ٣: ١٩٢.
(٣) الأنعام ٦: ١١٩.
(٤) أحكام القرآن / الجصاص ٣: ١٩٣.
(٥) أحكام القرآن / الجصاص 3: 194.
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»