واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ٤٢
وذكر أبو الحسن الماوردي الشافعي (ت / ٤٥٠ ه‍) عن ابن الكلبي، إن الآية نزلت في عمار بن ياسر وأبويه ياسر وسمية، وصهيب، وخباب، أظهروا الكفر بالإكراه وقلوبهم مطمئنة بالإيمان. ثم قال: فإذا أكره على الكفر فأظهره بلسانه وهو معتقد الإيمان بقلبه، ليدفع عن نفسه بما أظهر، ويحفظ دينه بما أضمر، فهو على إيمانه، ولو لم يضمره لكان كافرا (١).
وبين الواحدي المفسر الشافعي (ت / ٤٦٨ ه‍) كيف أن الذين لا يؤمنون بآيات الله يفترون الكذب، ذلك لأنهم يقولون لما لا يقدر عليه إلا الله تعالى: إن هذا من قول البشر، مشيرا بذلك إلى الآيات المتقدمة على هذه الآية في سورة النحل، قال: ثم سماهم كاذبين بقوله: ﴿وأولئك هم الكاذبون﴾ (2).
ثم قال في قوله تعالى: (من كفر بالله بعد إيمانه): ثم استثنى المكره على الكفر (إلا من أكره) على التلفظ بكلمة الكفر (وقلبه مطمئن بالإيمان) (3).
وقال الفقيه السرخسي الحنفي (ت / 490 ه‍) - عن جواز إظهار الكفر تقية في حالة الإكراه، كما نصت عليه هذه الآية - ما نصه: رخص فيه لعمار بن ياسر رضي الله عنه، إلا أن هذا النوع من التقية يجوز لغير الأنبياء، والرسل عليهم الصلاة والسلام، فأما في حق المرسلين صلوات الله عليهم أجمعين فما كان يجوز ذلك فيما يرجع إلى أصل الدعوة إلى الدين الحق، وقد جوزه بعض الروافض لعنهم الله (4).

(١) تفسير الماوردي المسمى ب: (النكت والعيون) ٣: ٢١٥.
(٢) النحل ١٦: ١٠٥.
(٣) تفسير الواحدي ١: ٤٦٦ - مطبوع بهامش تفسير النووي المسمى ب‍: (مراح لبيد).
(4) المبسوط / السرخسي 24: 25.
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»