واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ٤٦
وهذا القول هو الذي رفضه الإمام الفقيه السرخسي، والشيعة قاطبة تؤيده على هذا الرفض.
ولنعد بعد هذا إلى جواز التلفظ بالكفر تقية، والقلب مطمئن بالإيمان، كما مر في الآية الثانية المتقدمة، ودلالتها عند المفسرين وغيرهم، فنقول:
استدل الكيا الهراسي الشافعي (ت / ٥٠٤ ه‍) بهذه الآية على جملة من الأحكام فقال:
وذلك يدل على أن حكم الردة لا يلزمه.. إن المشرع غفر له لما يدفع به عن نفسه من الضرر.. واستدل به أصحاب الشافعي على نفي وقوع طلاق المكره، وعتاقه، وكل قول حمل عليه بباطل، نظرا لما فيه من حفظ حق عليه، كما امتنع الحكم بنفوذ ردته حفظا على دينه (١).
قال الزمخشري المعتزلي (ت / ٥٣٨ ه‍) في تفسير الآية المتقدمة: إنما يفتري الكذب من كفر بالله من بعد إيمانه، واستثنى منهم المكره، فلم يدخل تحت حكم الافتراء (٢). ثم نقل قصة عمار بن ياسر (ت / ٣٧ ه‍)، وما فعله مسيلمة الكذاب (ت / ١٢ ه‍) بالصحابيين، وكيف أن أحدهما قد شهد للكذاب تقية أنه رسول الله.
أما ابن عطية الأندلسي الغرناطي المالكي (ت / ٥٤١ - أو ٥٤٢ - أو ٥٤٦ ه‍) فقد بين أن المراد من الكاذبين في قوله تعالى: ﴿إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون﴾ (3)، هم: عبد الله بن أبي سرح، ومقيس بن صبابة وأشباههما ممن كان آمن برسول الله ثم ارتد. ثم قال:

(١) أحكام القرآن / الكيا الهراسي ٣: ٢٤٦.
(٢) الكشاف / الزمخشري ٢: ٤٤٩ - ٥٥٠.
(٣) النحل ١٦: 105.
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»