واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ٥٢
أكرهه على التلفظ بكلمة الكفر، فها هنا يباح له، ولكنه لا يجب.
المرتبة الثالثة: أنه لا يجب ولا يباح بل يحرم، وهذا مثل ما إذا أكرهه إنسان على قتل إنسان آخر، أو على قطع عضو من أعضائه، فها هنا يبقى الفعل على الحرمة الأصلية. وهل يسقط القصاص عن المكره (لو قتل) أم لا؟
قال الشافعي رحمه الله في أحد قوليه -: يجب القصاص (1).
أقول: إن القول الآخر للإمام الشافعي رحمه الله هو: لا قصاص على من يقتل تقية، ولا بد من حمل هذا القول الأخير على التقية، لأنه عاش في ظل ظروف أوجبت عليه التقية في هذا الحكم، كما سنشير إليه في الفصل الثاني من هذا البحث، وذلك في بيان مواقف الصحابة والتابعين وغيرهم من التقية.
واحتج الفقيه ابن قدامة الحنبلي (ت / 620 ه‍) بهذه الآية على جواز التقية عند الإكراه عليها، ثم قال: وإنما أبيح له فعل المكره عليه، دفعا لما يتوعده به من العقوبة فيما بعد (2).
كما أن من أكره على كلمة الكفر فأتى بها، لم يصر كافرا عنده، قال: وبهذا قال مالك، وأبو حنيفة، والشافعي (3)، وقد ذكر تفصيلات أخرى ستأتي عند الحديث عن التقية في فقه الحنابلة.
وقال القرطبي المالكي (ت / 671 ه‍): هذه الآية نزلت في عمار بن ياسر في قول أهل التفسير، لأنه قارب بعض ما ندبوه إليه. ثم نقل عن ابن عباس أنه

(1) التفسير الكبير 20: 122.
(2) المغني / ابن قدامة 8: 262.
(3) م. ن 10: 97 - مسألة: 7116.
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»