الينابيع الفقهية - علي أصغر مرواريد - ج ٣٢ - الصفحة ٣٤٦
الاقتصاص لم يكن له ذلك، لأن هذا بمنزلة الاكتساب وليس له منعه من الكسب، ثم ينظر: فإن اقتص فقد استوفى، وإن عفا ففيه ثلاث مسائل:
إحداها: أن يقول: عفوت عن القصاص على مال، فسقط القصاص ووجب المال.
الثانية: أن يقول: عفوت عن القصاص، ويطلق، فمن قال: إن قتل العمد يوجب القود لا غير، قال: لا يجب المال لأن وجوب هذا المال يفتقر إلى اختيار الدية ولم يوجد ذلك، ومن قال: يجب أحد الأمرين، إما القصاص أو الدية، قال:
بنفس العفو عن القصاص تجب الدية وتتعين، والأول مذهبنا.
الثالثة: أن يقول: عفوت على غير مال، فهو كما لو عفا مطلقا، فمن قال:
الواجب الدية فحسب، قال: الدية لا تجب لأن اختيارها لم يوجد، ومن قال: أحد أمرين، قال: على هذا تجب الدية فإذا قال: على غير مال، فهو إبراء والمكاتب لا يملك الإبراء عن المال فتجب الدية، ولا تسقط بعفوه.
وهكذا إذا صالح عن القود على نصف الأرش، يبني على قولين، فمن قال:
الواجب هو القود فحسب، قال: الدية لا تجب، لأن الاختيار ما وجد إلا النصف، فيجب النصف، ويسقط النصف، ومن قال: الواجب أحد أمرين، فقد وجب الأرش لقوله: عفوت، وقوله: نصف الأرش إبراء عن النصف الآخر فلا يصح.
فصل: في عتق السيد المكاتب في مرض وغيره:
إذا كاتب عبدا في صحته كتابة صحيحة ثم مرض السيد فأعتق المكاتب أو أبرأه عن مال الكتابة، أو قال: وضعت عنك مال كتابتك، فالحكم واحد، نظر:
فإن برأ من مرضه لزمه ذلك من رأس المال، فيعتق المكاتب وتبرأ ذمته مما عليه، كما لو وهب في مرضه ثم برأ، وإن مات فمن قال من أصحابنا: إن عطية المريض المنجزة من أصل المال، قال مثل ما لو برأ، ومن قال: من الثلث، قال: أعتق ذلك في حق ورثته من الثلث، لأنه وصية يعتبر خروجها من الثلث.
(٣٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 ... » »»