إلى المباني النظرية المختلفة، والا فلا تتحقق الشهرة أصلا، فان كلا يكذب الاخر لعدم حجية مبناه بنظره، والشهرة الفتوائية من هذا القبيل. نعم لو علمنا بان مستند الشهرة الفتوائية امر واحد نلتزم بحجيتها أيضا. وقد سمعت من بعض من يدافع عن القول بعدم الانجبار بأنه لعل اخذ المشهور بالرواية نشأ من حسن ظنهم بالسلف السابق فلا يعلم استنادهم إليها بما هي حجة. وهذا كما ترى بان لايجاب عنه احرى. أفهل يجوز هذا النحو من اتهام بهؤلاء العلماء العظام مع جلالة شأنهم وعلو مرتبتهم في المباحث العلمية ودقائقها؟ أفهل يعقل حصول الظن مما لا يورث الظن لمتعارف العقلاء؟ وهل يكون حسن الظن منهم بالقدماء، ناشئا عن مجرد الوسوسة؟ أوليس حسن الظن من هؤلاء لهؤلاء مستندا إلى انكشاف ملكاتهم الفاضلة دقة وورعا وكمالا، وغير ذلك لديهم. وبنينا أيضا على أن اعراض المشهور عن الرواية موجب لوهن الرواية المستلزم لطرحها عقلا، لا بمعنى الحكم بعدم صدورها حتى يقال: ان الرواة كلهم ثقات، بل بمعنى عدم امكان التمسك بها لاثبات مدلولها، فان هذه هي الغاية بنظر العقلاء، ومناط الحجية غير حاصل والحال هذا لكشف الاعراض عن خلل في جهة الصدور. وما يمكن ان يقال بان الحمل على التقية له مقام مخصوص، وهو ما إذا عارض دليل معادل له في الحجية مدفوع بعدم قيام دليل على الحصر، وتمام الكلام في محله. الرابع: قال شيخ الطائفة في العدة: ميزت الطائفة بين ما يرويه محمد بن أبي عمير وصفوان بن يحيى وأحمد بن محمد بن أبي نصر وغيرهم من الثقات الذين عرفوا بأنهم لا يروون ولا يرسلون الا عمن يوثق به وبين ما أسنده غيرهم ولذلك عملوا بمراسيلهم. انتهى موضع الحاجة من كلامه. وهذا كما ترى شهادة منه - قدس سره بعمل الطائفة على ما يرويه أحد هؤلاء، ومعرفتهم بأنه لا يروون ولا يرسلون الا عن ثقة.
(١٥٤)