وهنا روايتان موثقتان ذكرناهما سابقا، ولم يتعرض لهما السيد الأستاذ، وهما صريحتان في عدم الوجوب تعيينا في زمان الغيبة وعدم بسط اليد. وقبل بيانهم نتعرض لبيان مقدمة مفيدة في جميع أبواب الفقه، وهي مشتملة على أمور: الأول: الحق عندنا عدم التعبد في شئ من الطرق والامارات، بل كلها كواشف عقلائية حاكية عن الواقع بنظرهم، ولو سلم ورود امر باتباع امارة ما من الشارع، فهو ارشاد محض، وليس البرهان على ذلك ان الالتزام بالتعبد بلا موجب ثبوتا كما عليه بعض أساتيذنا، بتقريب ان جعل الحجية للحجة عند العقلاء تحصيل للحاصل، وجعلها لما هو ليست بحجة عندهم يعد من اللغو. فإنه بلا ملاك يستدعي ذلك فيلزم الترجيح بلا مرجح، وهو قبيح، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. ولا يقاس ذلك بالاحكام المجعولة، فان الحجية هي الطريقية، وهي من الأمور الواقعية لا الاعتبارية. والأمور الواقعية غير قابلة للاعتبار، فلو صح اعتبار الطريقية لما هو ليس بطريق لصح اعتبار البرودة للنار والحرارة للثلج أيضا. ومن هنا ظهر ان جعل الطريقية مستحيل، فان اعتبار الموصل لا يمكن، والاعتبار المحض غير الطريقية، فافهم. ووجه بطلان ذلك يظهر من بعض ما كتبناه في المقام الحاصل منه امكان جعل الطريقية لما ليس بطريق تكوينا قابل لاعتباره طريقا بنظر العقلاء، بحيث لولا جعل ذلك لما كان حجة. وتتمة الكلام في محله، بل البرهان عدم الملزم له بحسب الاثبات، فإنه لا دليل على جعل الحجية لشئ من الامارات. وما ذكر في هذا الباب اما أجنبي عن المقام، أو مشتمل على ما ينادي بالارشاد إلى بناء العقلاء، وتمام الكلام في محله. فما دار في الألسنة من أن المجعول في الطريق هو تتميم الكشف، أو الغاء احتمال الخلاف، أو تنزيل النفس منزلة العالم، أو تنزيل المؤدي منزلة الواقع، أو
(١٥٢)