العلم التعبدي، أو غير ذلك مما يسمع، مجرد تعابير الذي يقال له بالفارسية (فرمايش محض) ولا واقع لشئ منها. هذا في الامارات، واما في الأصول العملية فلا يلتزم بالأصل العقلي غير الاحتياط. نعم نلتزم بالأصل المرخص الشرعي في موارد البراءة، ونلتزم بالأصل الشرعي في موارد الاستصحاب أيضا والتفصيل في محله. الثاني: المدار في الطريقية بنظر العقلاء هو الكشف عن الواقع والوصول اليه لاغير، فان الظاهر من ملاحظة حالهم في أمورهم المعاشية، وفي محاوراتهم انما هو اتباع ما يحصل منه الاطمئنان، وترتيب اثار الواقع على ما أدى اليه الوثوق. الثالث: ضم الأمرين المذكورين ينتج، ان المدار في حجية الروايات بحسب السند هو الوثوق بالصدور لاغير، فان المهم هو ثبوت الحكم بسبب الرواية، ولا عبرة بكون الراوي ثقة، وعدمه، (بالمصطلح الدارج). نعم الوثوق بالراوي يورث الوثوق بالصدور، عند العقلاء. الا انه لا ينحصر حصول مناط الحجية وهو الوثوق بالصدور من الوثوق بالراوي. ولذا بنينا على أن استناد المشهور من القدماء جابر للسند، فإنه موجب للوثوق بالصدور، ولا سيما بملاحظة كثرة تورعهم في الفقه، وشدة تحفظهم على عدم الاخذ بالروايات المجعولة، أو الواردة في غير مقام البيان، كما يظهر من التتبع في أحوالهم. بل نفس استناد المشهور بالرواية هو مقوم للوثوق النوعي، لا موجب له، فإنهم من اظهر مصاديق العقلاء. فالوثوق النوعي حاصل من نفس الرواية، فالرواية في نفسها حجة، واستناد المشهور إليها كاشف عنها لا موجب لها، فتدبر جيدا. ان قلت: ان الالتزام بذلك مستلزم للالتزام بحجية الشهرة الفتوائية أيضا. قلت: الشهرة انما تكون حجة أي يحصل منه الوثوق إلى الواقع إذا لم تكن مستندة
(١٥٣)