والتغيير باليد مقدم على غيره، لأنه يقتلع المنكر من جذوره ويمنع من استمراره الذي قد يضر بالمصلحة العامة وخصوصا ما يتعلق بالاعتداء على حقوق الآخرين، كالاعتداء على أرواحهم أو أعراضهم أو أموالهم، فلا يجوز التهاون به، والسكوت عنه ، وهو يتوقف على القدرة والطاقة التي يمتلكها الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، التي تساعده على العمل الفوري في التغيير، ولذا فإن الحكمة من تكوين الأمة أو الجماعة الآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر، هي تظافر الطاقات والجهود لإزالة المنكر الواقع، وردع المتلبس به.
وإذا عجزت الطاقات والجهود المتاحة من تغيير المنكر باليد، فتأتي مرحلة الانكار باللسان عن طريق تبيان أضرار المنكر، وتحقير فاعله، وترذيله وتقبيحه، وتخويفه من العواقب السيئة المترتبة على هذا المنكر، وتهديده وتخويفه من ردعه بالقوة أو تخويفه بالاستعانة بالغير لانزال العقاب الصارم به، أو تهديده بالمحاصرة الاقتصادية والاجتماعية، وكل كلام يساعد على ردعه.
وإذا عجز الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر عن التغيير باللسان ينتقل إلى مرحلة التغيير بالقلب وهو الانكار والاشمئزاز وعدم الرضا بعمل المنكر، والتصميم على اعداد القوة البدنية والبيانية لتغييره في الظروف المؤاتية.
وملاك التكليف هو القدرة، وهي التي تحدد مراحل التغيير باليد واللسان والقلب، وقد تجتمع هذه المراحل لتنطلق في آن واحد تبعا لقدرة الافراد، فتستخدم اليد من قبل البعض واللسان من قبل البعض الآخر، والقلب من قبل البقية المتبقية.