مقدمة المركز:
الحمد لله المتعال بما هو أهله، وأتم الصلاة وأزكى التسليم على نبينا محمد وآله الطاهرين، وصحبه المخلصين، ومن اتبع الهدى إلى يوم الدين.
وبعد...
فإن الشريعة التي اعتبرت جسد الأمة المؤمنة كجسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، خليقة باقتفاء منهجها، جديرة باقتداء سلوكها، قمينة بالتحلي بآدابها وأخلاقها، أهل للهداية بقبول ما جاء فيها من الدعوة الصريحة إلى كل ما فيه الصلاح والامر به، والتحذير من الفساد والنهي عنه.
ولكي يعلم أفراد الأمة المسلمة هذه الحقيقة، ويفهموا جيدا ما هو دورهم في الحياة، فلابد وان يدركوا بأن نطق الشهادتين بلا عمل والاهتمام بالوسائل واغفال المقاصد ليس من الايمان المطلوب في شئ، وإنما هو من اسلام المنافقين الذين قال الله تعالى فيهم: (إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون).
فوعي الظواهر السلبية وادراكها إذن لا يكفي دون بيانها للناس كافة كما بينها الله تعالى لرسوله الكريم، وأما التغاضي عنها فلا ريب انه سيؤدي إلى تفاقم المنكر بشتى سبله وألوانه.
ولا شك أن من أهم الأسباب التي أدت إلى ضعف المسلمين بعد قوتهم، وتمزيق شملهم بعد وحدتهم، وما آل إليه أمر شرذمتهم من ضياع شوكتهم، وتبديد كلمتهم، وتفتيت أوصالهم، وانكسار عزيمتهم حتى وصلوا إلى هذه الحال المؤلمة، إنما هو فقدان الصدق والصراحة إزاء ظواهر النفاق ونظائرها في المجتمع الاسلامي كالمسامحة في اختراق أدب الشريعة، وطغيان المجاملة على حساب الدين الحنيف، فبنيت بذلك أسس الافعال القبيحة، وتوفرت مصادرها، فأقعدت الأمة عن معرفة الكثير من الحقائق، والتبس الامر على أفرادها، وأصبح للباطل وجه مقبول نتيجة السكوت عليه، وألفه،