شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١١١٦
الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال (إن الله خلق آدم على صورته). و ليست صورته) أي، صورة الحق (سوى الحضرة الإلهية) وهي حضرة الأسماء والصفات.
(فأوجد في هذا المختصر الشريف الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية) التي هي النسب الذاتية (وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل، و جعله روحا للعالم، فسخر له العلو والسفل لكمال الصورة.) التي خلقه الله عليها.
وإنما قال: (وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير) لأن جميع ما في العالم ليست موجودة في الإنسان بحسب صورها، بل بحسب حقائقها وأعيانها التي هي بها هي.
(فكما أنه ليس شئ في العالم إلا وهو يسبح الله بحمده، كذلك ليس شئ في العالم إلا وهو مسخر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته.) إنما شبه تسخر العالم للإنسان بتسبيحه وتحميده للحق، لأن تسخره للإنسان عبادة منه له، و تلك العبادة يستلزم التنزيه والتحميد، لأنه بعبادته للإنسان يوصل الهوية الإلهية الظاهرة في الصورة الإنسانية إلى الكمال الحقيقي والمقام الجمعي الإلهي، وهو عين التنزيه من النقائص والاتصاف بالمحامد. فكأنه قال: فكما أنه يسبح للحق سبحانه، كذلك هو يسبح الخليفة الذي هو الإنسان. وفي الحقيقة تنزيهه للإنسان وتسبيحه له، أيضا تنزيه للحق وتسبيح له. ولا يعطى هذا التسخير إلا حقيقة الصورة الإنسانية، لأن لها مقام الجمع الإلهي، وجميع الأسماء سدنة ربه الذي هو الاسم الأعظم، فمظاهرها أيضا مسخرة له.
ثم، استشهد بالآية تأنيسا للمحجوبين وتنبيها للطالبين: (فقال: (و سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه). فكل ما في العالم تحت تسخير الإنسان، علم ذلك من علمه - وهو الإنسان الكامل -) إذ هو الذي يعلمه بالكشف والعيان والذوق والوجدان (وجهل ذلك من جهله، وهو الإنسان) صورة (الحيوان) معنى.
(١١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1111 1112 1113 1114 1115 1116 1117 1118 1119 1120 1121 ... » »»