شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١١٠١
وحق الهوى أن الهوى سبب الهوى * ولو لا الهوى في القلب ما عبد الهوى) قال، رضى الله عنه، في فتوحاته: شاهدت الهوى في بعض المكاشفات ظاهرا بالألوهية قاعدا على عرشه، وجميع عبدته حافين عليه واقفين عنده. وما شاهدت معبودا في الصور الكونية أعظم منه.
(ألا ترى علم الله بالأشياء ما أكمله، كيف تمم في حق من عبد هواه واتخذه إلها. فقال: (وأضله الله على علم). والضلال الحيرة، وذلك أنه) أي، وذلك القول والتتميم هو أن الحق (لما رأى هذا العابد ما عبد إلا هواه بانقياده لطاعته) أي، بانقياد العباد لطاعة هواه. (فيما يأمر به من عبادة من عبده من الأشخاص) جواب (لما) قوله فيما بعد: (فأضله الله على علم، أي حيره الله على علم).
ألا ترى ما أكمل علم الله حيث تمم الكلام هنا بقوله: (وأضله الله على علم). والضلالة هي الحيرة فيما حير العابد لهواه إلا الله بظهوره وتجليه في الصور الهوائية ومراتبها.
وذلك الإضلال مبنى على علم عظيم حاصل من الله بأسرار تجلياته في تلك الصور وغاياتها. أي، هذا الإضلال والحيرة ما كان إلا من علم عظيم من الله بمجالي الهوى وأعيان عبدته وطلب استعداداتهم ذلك ليعبد بواسطة الهوى في جميع الصور الوجودية والمراتب الكونية. فتحير العارفين بكثرة التجليات وتنوع الظهورات، والمحجوبين بالوقوف فيما عبدوا، لأنهم يعرفون أن ما عبدوا ليس بإله موجد لهم، وهو ممكن مثلهم، ومع ذلك يجدون في بواطنهم ميلا عظيما إليه بحيث لا يمكنهم الخلاص منه والتعدي عنه، فيحصل الضلال والحيرة.
(حتى إن عبادته لله كانت عن هوى أيضا، لأنه لو لم يقع له في ذلك الجناب المقدس هوى، وهو الإرادة بمحبة، ما عبد الله ولا آثره على غيره) أي، الهوى سلط على نفوس العابدين حتى من يعبد الله أيضا ما يعبده إلا عن هوى، لأنه لو لم يقع في ذلك الجناب هوى من إرادة الجنة والنجاة من النار والفوز بالدرجات العالية، ما
(١١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1096 1097 1098 1099 1100 1101 1102 1103 1104 1105 1106 ... » »»