شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١١٠٢
كان يعبده. كما ذكرنا أبياتا في هذا المعنى:
عبدنا الهوى أيام جهل وإننا * لفي غمرة من سكرنا من شرابه وعشنا زمانا نعبد الحق للهوى * من الجنة الأعلى وحسن ثوابه فلما تجلى نوره في قلوبنا * عبدنا رجاء في اللقاء وخطابه فمرجع أنواع العبودية الهوى * سوى من يكن عبدا لعز جنابه ويعبده من غير شئ من الهوى * ولا للنوى من ناره وعقابه وقوله: (هو الإرادة بمحبة) تفسير للهوى. أي، الهوى هو الإرادة النفسانية مع المحبة الإلهية.
(وكذلك كل من عبد صورة ما من صور العالم واتخذها إلها، ما اتخذها إلا بالهوى (7) فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه، ثم، رأى المعبودات تتنوع في العابدين) (ثم) عطف على قوله: (إنه لما رأى هذا العابد). أي، لما رأى الحق هذا العابد، ما عبد إلا هواه، ثم رأى المعبودات الكونية والاعتقادية متنوعة عند العابدين إياها، أضله الله.
(فكل عابد أمرا ما يكفر من يعبد سواه، والذي عنده أدنى تنبه يحار لاتحاد الهوى، بل لأحدية الهوى، فإنه عين واحدة في كل عابد) لما كان الاتحاد مشعرا بالإثنينية السابقة على الاتحاد، أضرب عنه فقال: (بل لأحدية الهوى) ليفيد أنه حقيقة واحدة لا تكثر فيها، وهي عين الأحدية الإلهية. ثم، صرح بقوله: (فإنه عين واحدة ظاهرة في كل عابد.) (فأضله الله) أي، حيره الله (على علم) بأن كل عابد ما عبد إلا هواه ولا استعبده

(7) - ولذلك أطلق بعض المتأخرين - كالشيخ العراقي - اسم (العشق) على الحقيقة الغيبية، و (المعشوق) على الأحدية التي هي الحقيقة الواجبية عند الحكماء، و (العاشق) على الحقائق الإمكانية. فلا مشاحة في الألفاظ والاصطلاح.
(١١٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1097 1098 1099 1100 1101 1102 1103 1104 1105 1106 1107 ... » »»