التسخير والتسخر بحسب المراتب والدرجات.
(فما هو معه في درجته) أي، فليس المتسخر مع المسخر في درجة واحدة، بل هو في مرتبة ودرجة أدنى من درجته (فوقع التسخير من أجل الدرجات قد) ( والتسخير على قسمين: تسخير مراد للمسخر - اسم فاعل - قاهر في تسخيره لهذا الشخص المسخر، كتسخير السيد لعبده - وإن كان مثله في الإنسانية - وكتسخير السلطان لرعاياه - وإن كانوا أمثالا له في الإنسانية - فيسخرهم بالدرجة. والقسم الآخر تسخير بالحال. كتسخير الرعايا الملك القائم بأمرهم في الذب عنهم وحمايتهم و قتال من عاداهم وحفظ أموالهم وأنفسهم عليهم. وهذا كله تسخير بالحال من الرعايا، يسخرون بذلك مليكهم) أي، مالكهم. (ويسمى على الحقيقة هذا التسخير تسخير المرتبة. فالمرتبة.) أي، فمرتبة الرعية. (حكمت عليه بذلك.
فمن الملوك من سعى لنفسه) وما عرف أن مرتبة رعيته تسخره في ذلك.
(ومنهم من عرف الأمر: فعلم أنه بالمرتبة في تسخير رعاياه، فعلم قدرهم و حقهم، فآجره الله على ذلك أجرة العلماء بالأمر على ما هو عليه.) أي، أعطاه الله من جنس ثواب العلماء لعلمه بالمسألة. (وأجر مثل هذا يكون على الله في كون الله في شؤون عباده.) أي، لأن الله هو القائم على شؤون عباده وقضاء حوائجهم، فإذا قام أحد بذلك لله، لا لغرض نفسه، وقع أجره على الله.
(فالعالم كله مسخر بالحال) على صيغة الفاعل. (من لا يمكن أن يطلق عليه أنه مسخر) (6) على صيغة المفعول. (قال الله تعالى: (كل يوم هو في شأن).) وليس ذلك إلا شؤون عباده.
ولا يتوهم أن غيره يسخره تعالى عن ذلك، بل كل ما يطلق عليه اسم الغير، فهو من حيث الوجود والحقيقة عين الحق - كما عرفت مرارا - وإن كان من حيث التقيد والتعين مسمى بالغير. فالحق هو المسخر لنفسه بحسب شؤونه و تجلياته لا غيره.