وبعد فيقول العبد الضعيف داود بن محمود بن محمد الرومي القيصري (25) مولدا الساوي (26) محتدا، (27) انجح الله مقاصده في الدارين، فلما وفقني الله تعالى وكشف على أنوار أسراره ورفع عن عين قلبي أكنة أستاره وأيدني بالتأييد الرباني باعلام رموزه والتوفيق الصمداني باعطاء كنوزه، وساقتني الأقدار (28) إلى خدمة مولانا الامام العلامة الكامل المكمل، وحيد دهره وفريد عصره فخر العارفين قرة عين ذات الموحدين ونور بصر المحققين كمال الملة والحق والدين، عبد الرزاق بن جمال الدين أبى الغنائم القاساني، أدام الله على المستفيدين بركة أنفاسه وأنار بمعارفه قلوب الطالبين وجلاسه، وكان جملة من الاخوان المشتغلين بتحصيل الكمال الطالبين لأسرار حضرة ذي الجمال والجلال، شرعوا في قراءة كتاب فصوص الحكم الذي أعطاه النبي، صلى الله عليه وسلم، الشيخ الكامل المكمل قطب العارفين وامام الموحدين وقرة عيون المحققين وارث (29) الأنبياء (30) والمرسلين خاتم الولاية (31) المحمدية كاشف الاسرار الآلهية، الذي لا يسمح بمثله الدهور والأعصار ولا يأتي بقرينه الفلك الدوار محيي الملة والحق والدين، رضى الله عنه وأرضاه وجعل أعلى جنانه موطنه ومثواه، ليخرجه (32) إلى الخلق ويبين لهم ما ستر من الحقايق ويكشف عليهم ما انحجب من الأسرار والدقايق، لأنه (33) كاد (34) ان ينجلي الحق بالنور (35) الموجب للظهور (36) وقرب ان تنكشف لهم ما ستر من الحقايق ويكشف كل مرموز ومستور وحان طلوع شمس (37) الحقيقة من مغربها (38) وبروز عرش الربوبية من مشرقها (39)، وكان الحق قد أطلعني على معانيه المتساطعة أنوارها وألهمني بفحاويه المتعالية أسرارها، وأراني في سرى من بشرني بمعرفتي هذا الكتاب وخصصني بالعلم به من بين ساير الأصحاب من غير تأمل سابق فيه أو مطالعة واستحضار لمعانيه، عناية (40) من الله الكريم وفضلا من الرب الرحيم، لأنه هو المؤيد بنصره من يشاء من عباده والموفق بالظفر على أسرار مبدئه ومعاده، مع تجوال عقول العقلاء حول فنائه و ترجاعهم خاسرين وتطواف فهوم الفضلاء حريم حمائه وتردادهم حاسرين، لكونه منزلا من سماء يحيط بفلك العقل ولا يحاط، ومقاما ينوط بكل ما يناله الفهم
(٤)