(الشئ). أي، الرحمة من الله تعالى تنال على طريقين: طريق الوجوب. أي، على طريق الذي أوجب الحق على نفسه أن يرحم عباده إذا أتوا به في مقابلة ما قيدهم به وكلفهم من العلم والعمل. كما قال: (فسأكتبها) أي، أفرضها (للذين يتقون ويؤتون الزكاة). لا أن العبد بحسب عمله يوجب على الله أن يرحمه، بل ذلك الإيجاب على سبيل الفضل والمنة أيضا منه على عباده.
(والطريق الآخر الذي تنال به هذه الرحمة على طريق الامتنان الإلهي الذي لا يقترن به عمل، وهو قوله: (ورحمتي وسعت كل شئ). ومنه قيل: (ليغفر الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر). ومنها قوله: (إعمل ما شئت فقد غفرت لك). فاعلم ذلك.) (الرحمة الامتنانية) قد تكون عامة، وهو الرحمة الذاتية الشاملة لجميع العباد، كقوله تعالى: (رحمتي وسعت كل شئ). وقد تكون خاصة، كما قيل:
(ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر). في حق نبينا، صلى الله عليه وسلم، وكما قال لبعض عباده: (إعمل ما شئت، فقد غفرت لك) (16) فلا يتوهم أنها شاملة لجميع الأشياء مطلقا. والله الرحيم المنان ومنه الفضل والإحسان.