من الكفار سبعون ألفا، قصاصا منه، فسكن فورانه، خصت (1) الحكمة (الجلالية) بكلمته.
وأيضا (الجلال) يفنى الموجودات ليرجع إلى الأولية - كما قال: (لمن الملك اليوم؟ لله الواحد القهار). وهما من أسماء الجلال - وكان ليحيى أولية في الأسماء، فاختص حكمته بها. ولهذا السر افتتح الفص بقوله: (هذه حكمة الأولية في الأسماء، فإن الله سماه (يحيى) أي، يحيى به ذكر زكريا، ولم يجعل له من قبل سميا.) (الأول) في الأكوان هو الذي لم يسبق عليه شئ من جنسه. فلما لم يكن ليحيى، عليه السلام، سميا قبله، كان أول من سمى بهذا الاسم. وما سمى الله (يحيى) بيحيى إلا ليحيى به ذكر أبيه، وزكريا، فإنه طلب من الله بقوله: (فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب، واجعله رب رضيا).
(فجمع بين حصول الصفة التي فيمن غبر ممن ترك ولدا يحيى به ذكره، وبين اسمه بذلك. فسماه (يحيى).) (غبر) أي مضى. ومعناه: أنه جمع بين الاسم والصفة التي بها يحيى ذكر من ترك ولدا من الغابرين، إذ حيى به ذكر زكريا و سمى عينه بيحيى. (فكان اسمه يحيى) من (الإحياء). (كالعلم الذوقي.) أي، كما أن العلم الذوقي يحيى به النفوس الجاهلة.
(فإن آدم حيى ذكره بشيث، ونوحا حيى ذكره بسام، وكذلك الأنبياء، عليهم السلام. ولكن ما جمع الله لأحد قبل يحيى بين الاسم العلم منه، وبين الصفة، إلا لزكريا، عناية منه.) أي، كل من الأنبياء حيى ذكرهم بأبنائهم، لكن ما رزقهم الله تعالى من يحيى ذكرهم ويكون صفة الإحياء في اسمه وعلمه كما في يحيى. فموهبة الحق له من يجمع بينهما، عناية من الله في حقه.
(إذ قال:) أي، حين قال. ((هب لي من لدنك وليا). فقدم الحق) ب (كاف) الخطاب (2) (على ذكر ولده، كما قدمت آسية ذكر الجار على الدار في قولها: