لتكون قبلة الحاجات، فيطلب المطالب من ذلك الوجه الجامع لجميع الوجوه والتعينات بأحدية جمعه. (وهو المسمى وجه الهوية) أي، وجه الهوية المطلقة التي يجمع الوجوه كلها، وهو الاسم (الله). فيدعوه الداعي من ذلك الوجه، لا من الوجوه الأخر التي هي منعوتة بالسوى والغيرية والأسباب. وإن كانت هذه الوجوه أيضا ليست إلا تفصيل ذلك الوجه الجامع، فهي هو في الحقيقة لكن من حيث التفصيل، لا من حيث الجمع، كما قيل:
كل الجمال غدا لوجهك مجملا * لكنه في العالمين مفصلا (فالعارف لا يحجبه سؤاله هوية الحق في رفع الضر عنه عن أن تكون جميع الأسباب عينه من حيثية خاصة. وهذا لا يلزم طريقته إلا الأدباء من عباد الله، الأمناء على أسرار الله. فإن لله أمناء لا يعرفهم إلا الله، ويعرف بعضهم بعضا. وقد نصحناك فاعمل، وإياه سبحانه فاسأل.) أي، العارف إذا سأل عن الوجه الجامع الإلهي في رفع الضر عنه، لا تحتجب به عن الوجوه الأخر التي هي الأسباب في كونها عينه من حيثية أخرى خاصة، كما احتجب به غيره وحكم بالمغايرة بين ذلك الوجه وبين الوجوه الآخر مطلقا، بل يحكم بأن الوجوه كلها مجتمعة في حقيقة واحدة هي يجمعها. والوجه الذي صار قبلة الحاجات في الشرع، مجمل تلك الوجوه ومجمعها، وهي تفصيله، فبالجمع والتفصيل وقعت المغايرة بينهما لا بالحقيقة. وهذا المعنى لا يلزم طريقته ولا يعرف حقيقته إلا الأدباء من عباد الله، الأمناء على أسرار الله، لا يعرفهم حق المعرفة الا الله والعارفون. وقد نصحناك في أن لا تسأل في البلوى والضراء إلا من الله. فاعمل بمقتضاه، ومن الحق سبحانه فاسئل لا من غيره وسواه. والله الموفق للخير وهو يهدى السبيل.