شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٩٢١
ثم، فسر بقوله: (أي، هو قابل لحقائق متفرقات العالم) أي، قابل لظهور المعاني والخواص التي هي في العالم متفرقة، دفعا لوهم من يتوهم أنه قائل بكون تلك الأهلية ظاهرة بالفعل في كل جزء من العالم. والباقي ظاهر.
وفي بعض النسخ: (يكون في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد). فمعناه: و يكون الحق من حيث الظهور في عمرو أكمل وأعلم من الحق في زيد.
(فهو تعالى من حيث هو (عالم) أعم في التعلق من حيث ما هو (مريد) و (قادر) وهو هو ليس غيره)، ظاهر مما مر.
(فلا تعلمه يا وليي) بالإضافة إلى ياء المتكلم. (هنا وتجهله هنا وتنفيه هنا و تثبته هنا) أي، فلا تعلم الحق في مظهر وتجهله في مظهر، أو تنفيه في مظهر وتثبته في مظهر، بل شاهد الحق في كل المظاهر لتكون مؤمنا به في كل المقامات، عالما به في كل المواطن، متأدبا معه في كل الحالات، فيتجلى لك من كلها، ويرحمك ويرزقك من صفاته، فيغفر لك ويثني عليك بألسنتها ويحمدك، فتكون وليا حميدا لا شيطانا مريدا.
(إلا أن أثبته بالوجه الذي أثبت نفسه ونفيته عن كذا بالوجه الذي نفى نفسه، كالآية الجامعة للنفي والإثبات في حقه حين قال: (ليس كمثله شئ). فنفى، (و هو السميع البصير) فأثبت بصفة تعم كل سامع بصير من حيوان.) (13) أي، إلا أن أثبت الحق كما أثبت نفسه، ونفيت عنه كما نفى عن نفسه، فحينئذ لا يكون المثبت والنافي إلا الحق، لا أنت، فتكون عبدا متأدبا مع الحق. والباقي ظاهر.
(وما ثم إلا حيوان، إلا أنه بطن في الدنيا عن إدراك بعض الناس، وظهر في الآخرة لكل الناس، فإنها الدار الحيوان. وكذلك الدنيا، إلا أن حياتها مستورة عن

(13) - أي، يسمع بسمع كل سميع، ويبصر ببصر كل بصير. وكل سميع يسمع من تجليه بالاسم (السميع) و (البصير). (ج)
(٩٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 916 917 918 919 920 921 922 923 924 925 926 ... » »»