شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٩٢٤
العادة في ابتداء الأمور تقديم اسم الحق عليها. كما قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (كل أمر ذي بال لم يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم، فهو أبتر).
فقوله: (تقديم) يجوز أن يكون خبر للمبتدأ المحذوف، أي، هو تقديم.
أو عطف بيان لهذا.
(ومن حكمة بلقيس وعلو علمها) أي، ومن جملة معارفها وعلو مرتبة علمها. (كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب، وما عملت ذلك إلا لتعلم أصحابها) من (الإعلام). أي، عملت بلقيس ذلك لتعلم وتخبر توابعها.
(أن لها اتصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها) أي، إلى أسرار ومعاني من عالم الجبروت والملكوت، (15) لا يعلمون طريق الوصول إليها.
(وهذا من التدبير الإلهي في الملك، لأنه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك، خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرفاتهم، فلا يتصرفون إلا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم عنهم، يأمنون غائلة ذلك التصرف. فلو تعين لهم على يدي من يصل الأخبار إلى ملكهم، لصانعوه وأعظموا له الرشى) (الرشى) جمع رشوة. فلو تعين لهم أن الأخبار على يدي من يصل إلى الملك، لخدموه وأعظموا له أنواعا من الرشوة. (حتى يفعلوا ما يريدون ولا يصل ذلك إلى ملكهم. فكان قولها: (ألقى إلى) ولم تسم من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواص مدبريها، وبهذا استحقت التقدم عليهم.) كله ظاهر.
(وأما فضل العالم من الصنف الإنساني.) وهو (آصف بن برخيا).
(على العالم من الجن) وهو الذي قال: أنا أتيك به قبل أن تقوم من مقامك و هو المتصرف (بأسرار التصريف وخواص الأشياء) أي، التصرفات النفسانية مع معاونة من التأثيرات الفلكية وخواص طبائع الأشياء. (فمعلوم) أي، في هذه الصورة. (بالقدر الزماني: فإن رجوع الطرف إلى الناظر به أسرع من

(15) - ليس المراد من تلك الأمور (أسرار الملكوت والجبروت) كما لا يخفى. بل المراد ما أفاد الشيخ نفسه بقوله: (وهذا من التدبير الإلهي...). (الامام الخميني مد ظله)
(٩٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 919 920 921 922 923 924 925 926 928 929 930 ... » »»