شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٩١٩
بالرحمة الرحيمية الموجبة للكمال عند معرفتنا أنفسنا وظهور حقائقها علينا.
(وأعلمنا أنه هويتنا، لنعلم أنه ما أوجبها على نفسه إلا لنفسه، فما خرجت الرحمة عنه، فعلى من أمتن، وما ثم إلا هو.) هذا عن لسان غلبه حكم الأحدية و معناه ظاهر. (إلا أنه لا بد من حكم لسان التفصيل) لأن الكثرة واقعة لا يمكن رفعها.
(ولما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم، حتى يقال أن هذا أعلم من هذا مع أحدية العين) وهذا التفاضل من تفاوت الأعيان واستعداداتها بحسب القوة والضعف والظهور والخفاء والقرب والعبد من الاعتدال الحقيقي الروحاني والجسماني، مع أن الذات الظاهرة بهذه الصور واحدة لا تكثر فيها.
(ومعناه معنى نقص تعلق الإرادة عن تعلق العلم، فهذه مفاضلة في الصفات الإلهية وكمال) بالجر عطف على (تعلق الإرادة).
(وفضلها وزيادتها على تعلق القدرة. وكذلك السمع والبصر الإلهي، و جميع الأسماء الإلهية على درجات في تفاضل بعضها على بعض. كذلك تفاضل ما ظهر في الخلق من أن يقال هذا أعلم من هذا مع أحدية العين.) أي، ومعنى تفاضل بعض الخلق على البعض، كمعنى تفاضل بعض الصفات والأسماء على البعض، ونقص بعضها عن البعض بحسب الإحاطة والتعلق، فإن (العليم) يتعلق بالمعلومات، ولا شك أن الذات الإلهية وجميع أسمائه وصفاته وجميع الممتنعات والممكنات جواهرها وأعراضها داخلة في حيطته. و (المريد) لا يتعلق إلا بالممكنات في الإيجاد، أو في الإيجاد والإعدام إذا كانت الإرادة بمعنى المشيئة. و (القادر) أيضا لا يتعلق إلا بالممكنات لإيجادها وإعدامها. هذا إن قلنا:
إن الأعيان لا يتعلق بها الجعل. وإن قلنا بجعلها، فالقدرة متعلقة بها أيضا و كذلك الإرادة، فصح أن (العليم) أكثر حيطة وأرفع درجة من غيره من الأسماء.
وتفاضل الإرادة على القدرة من حيث إنها سابقة على القدرة وشرط لحصول تعلقها، فظاهر، وزيادة تعلق الإرادة على تعلق القدرة غير معلوم، إذ كل ما يتعلق بها الإرادة، يتعلق بها القدرة. اللهم إلا أن يقال: إن الإرادة الإلهية قد
(٩١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 914 915 916 917 918 919 920 921 922 923 924 ... » »»