شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٩٢٢
بعض العباد ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد الله بما يدركونه من حقائق العالم).
واعلم، أن سريان الهوية الإلهية في الموجودات كلها أوجب سريان جميع الصفات الإلهية فيها، من الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر وغيرها، كليها و جزئيها، لكن ظهر في بعضها بكل ذلك، كالكمل والأقطاب، ولم يظهر في البعض، فظن المحجوب أنها معدومة في البعض، فسمى البعض حيوانا والبعض جمادا. فالشيخ (رض) نبه أن الكل حيوان، ما ثم من لا حيوة له. ثم نبه بقوله: (إلا أنه بطن عن إدراك بعض الناس) على أن كونه حيوانا. ليس باطنا في نفس ذلك الشئ حتى تكون له الحياة بالقوة لا بالفعل، كباقي الصفات، بل هو حيوان بالفعل، وإن كان باقي صفاته بالقوة (14) وظهر في الآخرة كونه حيوانا لكل الناس، فإنها الدار الحيوان. لذلك تشهد الجوارح بأفعال العبد في الآخرة. وكذلك الدنيا حيوان وحياتها ظاهرة، لكن للكمل. كما قال أمير المؤمنين، كرم الله وجهه: (كنا في سفر مع رسول الله، صلى الله عليه وآله، ما

(14) - قوله: (وإن كان باقي صفاته بالقوة...). سريان الحقيقة الوجودية والهوية الإلهية المستجمعة لجميع الصفات الكمالية في الأشياء يقتضى أن يكون جميع الأشياء مستجمعا لجميعها بالفعل، وإن كان المحجوب لا يدركها. بل كل موجود عند الكمل أسم أعظم، ولذا ورد عن مولينا أمير المؤمنين، أو الصادق، عليهما السلام: (ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله قبله ومعه). و (الله) هو الاسم الجامع لجميع الأسماء والصفات، وفي هذا المقام لا تفاضل بين الموجودات. ولقد حققنا ذلك في شرحنا لبعض الأدعية. (الامام الخميني مد ظله) واعلم، أن الصفات التي هي عين الهوية الإلهية، كالعلم والتكلم والحياة والإدراك وأمثال ذلك، بل الصفات الغير الكونية، كلها لا بد وأن يكون سارية في الموجودات لسريان الهوية الإلهية فيها. وأما الصفات الكونية التي فسرناها بمعنى وجودها بالفعل، فمشروطة بمرور الشئ في مراتب الطبيعة. فلذا لا يكون الجماد متحركا آكلا شاربا بالفعل إلا أن يمر من المراتب إلى الحيوانية، مثلا. وهذا معنى قول الشارح العلامة: (بل هو حيوان بالفعل و إن كان باقي صفاته بالقوة) ولا يرد عليه ما أورده بعض من لا يتدبر في كلامه. كذا أفيد من الأستاذ الأعظم. ميرزا محمد رضا قمشه‌اى (رض). (ج)
(٩٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 917 918 919 920 921 922 923 924 925 926 928 ... » »»