شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٩١١
عليه السلام، ما قدم اسمه على اسم الله تعالى وما أوهم التقديم إلا حكاية بلقيس مع حواشيها. أي، قالت لهم: (إني ألقى إلى كتاب كريم. إنه) أي، أن ذلك الكتاب. (من سليمان). و (أنه) أي، وأن مضمون الكتاب (بسم الله الرحمن الرحيم. ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين). وما قالوه لا يليق بحال النبي العالم بالله ومراتبه، وبأن اسمه واجب التعظيم. وكيف يليق ما قالوه وبلقيس قالت فيه: (إني ألقى إلى كتاب كريم). أي، مكرم عليها ومعظم عندها. ولو أن بلقيس كانت مريدة للخرق وما كانت موفقة لإكرام الكتاب، (2) لم يكن تقديم اسمه حاميا له من الخرق ولا تأخيره، بل كانت تقرأ الكتاب وتعرف مضمونه، كما فعل كسرى، ثم كانت تمزقه لو لم تكن موفقه.
(فأتى سليمان بالرحمتين: رحمة الامتنان، ورحمة الوجوب اللتان هما (الرحمن الرحيم). فأمتن بالرحمن وأوجب بالرحيم، وهذا الوجوب من الامتنان، فدخل (الرحيم) في (الرحمن) دخول التضمن.) اعلم، أن الرحمة صفة من الصفات الإلهية، وهي حقيقة واحدة، لكنها ينقسم بالذاتية وبالصفاتية، أي، يقتضيها أسماء الذات وأسماء الصفات عامة. وكل منهما عامة وخاصة، فصارت أربعة، ويتفرع منها إلى أن يصير المجموع مائة رحمة. وإليه أشار رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إن لله مائة رحمة، أعطى واحدة منها لأهل الدنيا كلها، وادخر تسعة وتسعين إلى الآخرة يرحم بها عباده) (3) فالرحمة

(٢) - وإنما وفقت له من إكرام الكتاب وقبوله لاستعداداتها الذاتية الناشئة عن قبول عينها الثابتة في الأزل الآزال. (ج) (٣) - وفي الحديث النبوي الشريف نقد النصوص، چاپ ويليام چيتيك، (فص آدمى)، ص ٩٩، س ١٣:
(إن الرحمة مائة جزء. جزء منها لأهل الدنيا، به يتزاورون ويتعاطفون، وتسعة وتسعون لأهل الآخرة). وهذا الحديث من الأحاديث الصحيحة. وقد وردت بهذا المعنى أخبار كثيرة مذكورة في (الصحيح) المسلم (كتاب التوبة) والبخاري (كتاب أدب) والترمذي (كتاب الدعوات) وابن ماجة (كتاب الزهد). وورد أيضا: (إن لله مائة رحمة، أنزل منها رحمة واحدة لأهل الدنيا... وأخر الله تسعا وتسعين لأهل الآخرة). قوله في المتن: (فأتى سليمان بالرحمتين) أي، الرحمة الامتنانية التي هي مطمح الإبليس، لأن اللعين يرجو من الله الرحمة والمغفرة، لأن اسم (الرحيم) من شؤون (الرحمن) وللرحمان الإطلاق. وما قيل إنها مقيدة بالتقوى. ويجاب بأن القيد منا، لا من جانب الحق. ولا يخلو شئ عن الرحمة الرحمانية، لأنها صورة الوجود المطلق التي وسعت كل شئ علما وعينا، ولهذا قال الإمام المحقق، جعفر الصادق، عليه السلام: (الرحمن اسم خاص بصفة عامة).
يعنى، اين اسم مبارك اختصاص به خداوند دارد وموضوع له آن خاص است، ولى اين صفت به اطلاق موصوف در همه اشيا سريان دارد. امام صادق در معناى اسم (رحيم) فرمود: اين اسم اسم عام است، يعنى به اشتراك لفظى به حق وخلق اطلاق مى شود، ولى با قيد (صفة خاصة) أى، بمن يستعد. وكمال مترتب بر استعداد بعد از وجود، كه صورت رحمت عامه است، تحقق يابد، لذا وقوع آن از ناحيه اسم (هادى) و (مرشد) صورت پذيرد، ويا از جانب مظاهر أسماء مذكور ظهور يابد. وما قيل: إن الاسم (الرحمان) و (الرحيم) يكونان من توابع الاسم المذكور في البسملة، لا الاسم الأعظم، أي (الله)، خال عن التحصيل، لأنها من سوادن اسم (الله) الأعظم، وهما من الأسماء الكلية التي لها سوادن وخوادم وأجزاء وفروع. بنابر اين (الله) در (بسمله) الله ذاتى، و (رحمان) و (رحيم) نيز از صفات ذاتيه‌اند. و (رحمن) و (رحيم) در (أم الكتاب)، حذرا من التكرار، رحمان ورحيم صفاتيه‌اند ومرحوم اند به رحمت ذاتيه. (ج)
(٩١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 905 906 907 909 910 911 912 913 914 915 916 ... » »»