شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٩٠٥
فيجب تعذيبهم والانتقام منهم.
ف‍ (ما) في قوله: (ما استحقوا) بمعنى الشئ، أو بمعنى الذي. أي، ما عرض الحق عليه، صلوات الله عليه، إلا الذين استحقوا ما تعطيه، إلا به من العفو وتسليم أمور العباد إلى الله. ف‍ (ما تعطيه). مفعول (استحقوا). و (ما) فيما (تعطيه) بمعنى الذي، أو بمعنى الشئ. و (من التسليم) بيانه.
ويجوز أن يكون (ما تعطيه) بدلا من (ما استحقوا). أي، ما عرض عليه إلا ما تعطيه إلا به في حقه، وهو العفو والمغفرة. فمفعول (استحقوا) وهو (العفو)، محذوف لوجود القرينة.
(وقد ورد أن الحق إذا أحب صوت عبده في دعائه إياه، أخر الإجابة عنه حتى يتكرر. ذلك منه حبا فيه، لا إعراضا عنه. ولذلك جاء بالاسم (الحكيم). و (الحكيم) هو الذي يضع الأشياء في مواضعها ولا يعدل بها عما تقتضيه وتطلبه حقائقها بصفاتها.) (74) (الباء) في (بها) للصلة. يقال: عدل به فلان عن فلان. أي، تجاوز عنه. أي، ولأجل أن الحكيم هو الذي يضع الأشياء في مواضعها - التي يستحقها بذواتها وأعيانها - ولا يعدل عن مقتضى طبائعها، جاء بالاسم (الحكيم) هنا. فتأخير إجابة دعاء رسول الله، صلى الله عليه وآله، وشفاعته في حق الأمة أيضا من جملة الحكمة. وهي محبته فيه وإرادته لدعائه وشفاعته في حق أمته.

74 - قوله: (وقد ورد...). أقول: أراد الشيخ (ره) أن يبين أن تأخير الإجابة بواسطة عرض الفصول إنما هو من مقتضيات عنايته به، لا الإعراض عنه. وقد ورد أن ضجيج التائبين خير من تسبيح المسبحين. قوله: حقائق الأشياء. أي، حقائقها حال كونها متلبسة بصفاتها، أو مع صفاتها، فإنه للصفات أيضا مدخلية في اقتضاء خصوصيات المواضع، فوضع تأخير إجابة دعائه، صلى الله عليه وآله، في موضع يكون تكرار الدعاء فيه مطلوبا من جملة الحكمة. قوله في المتن: (بالاسم الحكيم) حيث أجراه أولا على لسان عيسى، كذلك ليترتب عليه إجرائه على لسان محمد (ص) كذلك، فيكون حين يجرى على لساني مبنيا على تلك الحكمة. (ج)
(٩٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 900 901 902 903 904 905 906 907 909 910 911 ... » »»