شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١٤٣
تنبيه لا تتوهم ان ذلك الفناء هو الفناء العلمي الحاصل للعارفين الذين ليسوا من أرباب الشهود الحالي مع بقائهم عينا وصفة، فان بين من يتصور المحبة وبين من هي حاله فرقانا عظيما، كما قال الشاعر لا يعرف الحب الا من يكابده * ولا الصبابة الا من يعانيها والحق ان الإعراب عنه لغير ذائقه ستر والاظهار لغير واجده اخفاء، والعلم بكيفيته على ما هو عليه مختص بالله لا يمكن ان يطلع عليه الا من شاء الله من عباده الكمل وحصل له هذا المشهد الشريف والتجلي الذاتي المفنى للأعيان بالأصالة كما قال تعالى: (فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا). وإذا علمت ما مر، علمت معنى الاتحاد الذي اشتهر بين هذه الطائفة، وعلمت اتحاد كل اسم من الأسماء مع مظهره وصورته أو اسم مع اسم آخر ومظهر مع مظهر آخر. و شهودك اتحاد قطرات الأمطار بعد تعددها واتحاد الأنوار مع تكثرها كالنور الحاصل من الشمس والكوكب على وجه الأرض أو من السرج المتعددة في بيت واحد وتبدل صور عالم الكون والفساد على هيولى واحدة، دليل واضح على حقية ما قلنا. هذا مع ان الجسم كثيف فما ظنك بالخبير اللطيف الظاهر في كل من المراتب الحقير والشريف. والحلول والاتحاد بين الشيئين المتغايرين من كل الوجوه شرك (8) عند أهل الله لفناء الأغيار عندهم بنور الواحد القهار.

(8) - لاستلزامه تعدد الوجود بالذات وعدم العلية والمعلولية. 12
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 141 142 143 145 146 147 148 149 ... » »»