شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١٣٧
الفصل العاشر في بيان الروح الأعظم ومراتبه وأسمائه في العالم الانساني اعلم، ان الروح الأعظم الذي في الحقيقة هو الروح الانساني مظهر الذات الإلهية من حيث ربوبيها، لذلك لا يمكن ان يحوم حولها حايم ولا ان يروم وصلها رايم، الداير حول جنابها يحار والطالب لنور جمالها يتقيد بالأستار لا يعلم كنهها الا الله ولا ينال بهذه البغية سواه. وكما ان له في العالم الكبير مظاهر وأسماء من العقل الأول والقلم الاعلى والنور والنفس الكلية واللوح المحفوظ وغير ذلك على ما نبهنا عليه من ان الحقيقة الانسانية هي الظاهرة بهذه الصور في العالم الكبير كذلك له في العالم الصغير الانساني مظاهر وأسماء بحسب ظهوراته ومراتبه في اصطلاح أهل الله وغيرهم وهي السر والخفى والروح والقلب والكلمة و الروع، بضم الراء، والفؤاد والصدر والعقل والنفس كقوله تعالى: (فإنه يعلم السر وأخفى (1) قل الروح من امر ربى) و (ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب (2))، و كلمة من الله في عيسى عليه السلام و (ما كذب الفؤاد (3) ما رأى) و (ا لم نشرح لك صدرك (4)) و (ونفس وما سويها). وفي الحديث الصحيح: (ان روح القدس نفث

(1) - أي، علمه في نفسه في الكل ظواهرها وبواطنها، سرها وسرسرها. 12 (2) - أي، ليس من عالم الخلق والحس حتى تدركونه أيها البدنيون المحجوبون عن ادراك ما وراء الحس من المجردات. 12 (3) - في مقام الجمع، أي الذات الموجودة مع جميع الصفات أي جمع الوجود لا جمع الوحدة الذي لا فؤاد فيه ولا عبد لفناء الكل فيها المسمى عندهم بعين جمع الذات. والفؤاد هو القلب المترقي إلى مقام الروح. 12 (4) - اعلم، ان النبي في مقام الشهود لم يجد للخلق وجودا فضلا عن العقل، ولم يفرق بين فعل وفعل لشهوده له تعالى، فكيف يثبت خيرا وشرا ويأمر وينهى وهو لا يرى الا الحق وحده؟
فإذا رد إلى مقام النبوة عن مقام الولاية وحجب بحجاب القلب ثقل ذلك عليه وكاد أن يقصم ظهره لاحتجابه عن الشهود الذاتي حينئذ فوهب التمكين في مقام البقاء حتى لم يحتجب بالكثرة عن الوحدة وشاهد الجمع في عين التفصيل ولم يغب عن شهوده بالدعوة، وذلك هو شرح الصدر ووضع الوزر. فلا تغفل. 12
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 137 138 139 141 142 143 ... » »»