شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١٤١
الفصل الحادي عشر في عود الروح ومظاهره إليه تعالى عند القيامة الكبرى قد مر ان للحق، تعالى، تجليات ذاتية وأسمائية صفاتية (1) وان للأسماء والصفات دولا يظهر حكمها وسلطنتها في العالم حين ظهور تلك الدول. ولا شك ان الآخرة انما يحصل بارتفاع الحجب وظهور الحق بالوحدة الحقيقية كما يظهر كل شئ فيها على صورته الحقيقية، ويتميز الحق عن الباطل، لكونه يوم الفصل و القضاء. ومحل هذا التجلي ومظهره الروح، فوجب ان يفنى فيه عند وقوع ذلك التجلي وبفنائه يفنى جميع مظاهره. قال تعالى: (ونفخ في الصور (2) فصعق (3) من في السماوات ومن في الأرض الا من شاء الله) (4). وهم الذين سبقت لهم القيامة الكبرى، لذلك قيل: كل شئ يرجع إلى أصله. قال الله عز وجل: (ولله ميراث السماوات والأرض)، (كل شئ هالك الا وجهه)، (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذي الجلال والاكرام). وذلك قد يكون بزوال التعينات الخلقية وفناء وجه العبودية في وجه الربوبية كانعدام تعين القطرات عند الوصول إلى البحر وذوبان الجليد بطلوع شمس الحقيقة. قال تعالى: (يوم نطوي السماء (5) كطي

(١) - لا أسمائية ذاتية.
(٢) - وهو عبارة عن التجلي الذاتي في الصور الذي فيه صورة تمام الخلايق، كما ورد في الأثر، و هو حقيقة الانسان الكامل على وجوده التفصيلي، أي العالم الكبير بشراشر وجوده.
(٣) - عند الإماتة بسريان روح الحق وظهوره في الكل وشهود ذاته بذاته وفناء الكل فيه.
فصعق، أي هلك من في السماوات والأرض حال الفناء في التوحيد وظهور الهوية بالنفخة الروحية الا من شاء الله من أهل البقاء بعد الفناء بالوجود الحقاني. ١٢ (٤) - لهم الصعق لا بنفخ في الصور الذي هو تجلياته التفصيلية بل بالتجلي الذاتي في الصورة الاجمالية كما في الشخص المحمدي (ص) وخليفته، فهو والقيامة كهاتين.
(٥) - سماء النفس بما فيها من صور الأعمال وهيئات الأخلاق في الصغرى، أو سماء القلب بما فيها من العلوم والصفات والمعارف والمعقولات في الوسطى، أو سماء الروح بما فيها من العلوم والمشاهدات والتجليات في الكبرى: (كما بدأنا أول خلق نعيده) بالبعث في النشأة الثانية على الأول أو بالرجوع إلى الفطرة الأولى أو بالرجوع على الثاني أو بالبقاء بعد الفناء على الثالث. (تفسير شيخ)
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 137 138 139 141 142 143 145 146 147 ... » »»