شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١٣٩
بالقوة فيها وصار مرآة للتجلي الإلهي، يسمى بالقلب. وهو المجمع بين البحرين و ملتقى للعالمين، لذلك وسع الحق وصار عرش الله كما جاء في الخبر الصحيح: (لا يسعني ارضى ولا سمائي ويسعني قلب عبدي المؤمن التقى النقي) و (قلب المؤمن عرش الله). فالمعتبر ان اعتبر الحقيقة الواحدة المفروضة لهذه الاعتبارات فحكم بان الجميع شئ واحد حقيقة صدق. وان اعتبرها مع كل من الاعتبارات فحكم بالمغايرة بينها صدق أيضا.
تنبية وإذا علمت هذا فاعلم، ان المرتبة الروحية هو ظل المرتبة الأحدية، والمرتبة القلبية هي ظل المرتبة الواحدية الإلهية. ومن أمعن النظر فيما نبهته عليه وطابق بين المراتب يظهر له أسرار (6) آخر لا يحتاج إلى التصريح بها.
تنبيه آخر اعلم، ان الروح من حيث جوهره وتجرده وكونه من عالم الأرواح المجردة مغاير للبدن متعلق به تعلق التدبير والتصرف قائم بذاته غير محتاج إليه في بقائه و قوامه. ومن حيث ان البدن صورته ومظهره ومظهر كمالاته وقواه في عالم الشهادة فهو محتاج إليه غير منفك عنه بل سار فيه لا سريان الحلول والاتحاد المشهورين عند أهل النظر، بل كسريان الوجود المطلق الحق في جميع الموجودات. فليس بينهما مغايرة من كل الوجوه بهذا الاعتبار. ومن علم كيفية ظهور الحق في الأشياء وان الأشياء من أي وجه عينه ومن أي وجه غيره، يعلم كيفية ظهور الروح في البدن، وانه من أي وجه عينه ومن أي وجه غيره. لان الروح رب بدنه، فمن تحقق له حال الرب مع المربوب يتحقق له ما ذكرناه. والله الهادي.

(6) - وعلم كيفية الصعود وغايته، يعلم ان الانسان الكامل هو كل الأشياء من العقل و النفس، إلى غير ذلك وغير هذه من الاسرار.
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 137 138 139 141 142 143 145 146 ... » »»