شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٨٦٤
للتعليل. ويجوز أن يكون بمعنى (حين)، فيكون إذ لا يخرج في موضعه. ومعناه حينئذ: لو أتى جبرئيل بصورته النورية حين لا يخرج عن طبيعته النورية ولا يتمثل بالصورة العنصرية، لكان عيسى لا يحيى الموتى إلا حين يظهر في تلك الصورة.
(مع الصورة البشرية من جهة أمه، (22) فكان يقال فيه عند إحيائه الموتى:
هو لا هو.) أي، كان يظهر عيسى حين الإحياء في الصورة الطبيعية النورية مع الصورة البشرية المستفادة من جهة أمه، فكان يقال فيه حينئذ: بشر وليس ببشر. كما قال الناظرون في يوسف، عليه السلام: (ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم). لغلبة النورية عليه.
(ويقع الحيرة في النظر إليه، كما وقعت في العاقل عند النظر الفكري إذا رأى شخصا بشريا من البشر يحيى الموتى، وهو من الخصائص الإلهية إحياء النطق لا إحياء الحيوان، بقى الناظر حائرا. إذ يرى الصورة بشرا بالأثر الإلهي.) (الباء) في قوله: (بالأثر) باء الملابسة. أي، ملتبسا بالأثر الإلهي. ومعناه: أنه لو كان كذلك، لوقع الناظر إليه في الحيرة، كما تحير أرباب العقل عند النظر الفكري في حاله. لأنهم رأوا شخصا بشريا بالصورة أحيا الموتى بقوله: (قم بإذن الله). أو:
قم باسم الله.
(إحياء النطق) أي، إحياء للميت الناطق مع نطقه، فقام الميت ناطقا ملبيا مجيبا لدعوته. لا إحياء كحياة الحيوان حتى يتحرك الميت في قبره، أو يقوم منه ويمشي بحيث يعلم أنه حي مجردا عن النطق، إذ لو كان كذلك، لنسبوه إلى السيميا من النيرنجات والطلسمات وغيرهما. فلما قام ونطق - كما جاء في قصته أنه أحيا سام بن نوح: فقام وشهد بنبوته، ثم رجع على ما كان تحيروا في إحيائه، لأنه من الخصائص الإلهية.
(فأدى بعضهم فيه إلى القول بالحلول، وأنه هو الله بما أحيا به الموتى. ولذلك

(22) - قوله: (مع الصورة البشرية...) تتمة لقوله: (لكان عيسى لا يحيى الموتى إلا حين يظهر في تلك الصورة الطبيعية). (ج)
(٨٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 859 860 861 862 863 864 865 866 867 868 869 ... » »»